التشريع كما يقال [ 1 ] . فهذا التفصيل - لو تمّ - فإنما يتمّ فقط بلحاظ القبح الذي يكمن في مخالفة حق العباد كالغصب - مثلا - حيث يقال : إن قاعدة الملازمة تطبق هنا باعتبار إمكانية تأكَّد القبح باجتماع ملاكين : أحدهما بالنّسبة للمولى والآخر بالنّسبة لشخص آخر . هذا بناء على تسليم القبح العقلي في سلسلة العلل . أمّا لو قلنا : إن ما يدرك الناس قبحه في سلسلة العلل كما في الغصب ونحوه ليس قبحه إلَّا من الأمور العقلائية وليس أمرا واقعيّا يدركه العقل فلا يبقى موضوع لقاعدة الملازمة في سلسلة العلل . إثبات الحرمة بالإجماع : الدليل الثّالث : الإجماع ، وذلك بدعوى أننا وإن لم نلحظ في كلمات المجمعين وقوع حرمة التجرّي بعنوانها معقدا للإجماع لكننا نستكشف ذلك من إجماعهم على مسألتين : الأولى - أن من ظن ضيق الوقت وجب عليه البدار ، فلو أخّر كان آثما ومستحقا للعقاب وإن تبين خطؤه . فهذا يكشف عن الإجماع على حرمة التجري بدعوى أنّ هذا الحكم لا يتمّ إلَّا بناء على القول بحرمة التجري . ولكن لا يخفى أنه لم يرد التصريح في كلماتهم جميعا بكون هذا التأخير معصية ، فبعضهم وإن صرّح بالمعصية ولكنّ البعض الآخر اكتفى بذكر استحقاق العقاب من دون ذكر المعصية ، فلو تمّ إجماع فإنما يتمّ على استحقاق العقاب وهو لا يستلزم حرمة التجرّي لما سيأتي - إنشاء اللَّه - من كون التجرّي