قبيحا وموجبا لاستحقاق العقاب وإن لم نقل بحرمته . والثّانية - إنّ من سافر سفرا مظنون الضرر وجب عليه الإتمام وإن تبين له الخلاف لأن سفره سفر معصية ، فهنا - أيضا - يقال : إنّ هذا لا يتمّ إلَّا بناء على حرمة التجري . والاستدلال على حرمة التجري بالإجماع وكذلك بما سيأتي - إنشاء اللَّه - من الدليل الرابع وهو الأخبار واضح عند من لم يقل فيما مضى من الدليل الثاني بثبوت محذور في تحريم التجري ، أما بناء على ثبوت المحذور في ذلك فقد يشكل الأمر هنا لتأتّي نفس المحذور . وتفصّى المحقّق النّائيني - رحمه اللَّه - عن ذلك بجعل متعلق الحرمة عنوانا آخر غير التجري يلازم تمام موارد التجري وهو قصد السّوء المبرز بالفعل . وهذا التفصّي صحيح بناء على كون محذور حرمة التجري عبارة عما مضى عن المحقّق النائيني - قدّس سرّه - إذ إنّ ذاك المحذور يرتفع بما صنعه من تغيير العنوان ، فإنّ محذوره في فرض تحريم التجري بحكم جديد يشمل فرض المصادفة كان عبارة عن لزوم اجتماع المثلين في نظر المكلف ، وهذا يرتفع بفرض أن مصبّ الحكم الجديد إنما هو قصد السوء المبرز بالفعل لا نفس الفعل . أمّا بناء على مبنى السّيّد الأستاذ من ثبوت محذور عدم المحرّكية فلا يتمّ هذا التفصّي ، لأن إشكال عدم المحرّكية لو تمّ لجرى في المقام أيضا ، إذ يقال : إن من يوجد تحريم الفعل في نفسه داعيا إلى الترك لا حاجة في تحريكه إلى تحريم قصد السّوء المبرز بالفعل ، ومن لا يرتدع بما قطع من حرمة الفعل لا يرتدع أيضا بحرمة القصد . لا يقال : إن تحريم الفعل غير كاف في الرّدع عن القصد ، لإمكان صدور القصد مطلقا أو ببعض مراتبه بسبب داع يدعوه إلى إيجاد الشوق والقصد في نفسه .