لا شرب ولا أكل ولا صاح ولا استهلّ فمثل هذا يطل ، فقال صلَّى اللَّه عليه وآله : هذا من الكهّان - كما في رواية - حيث إنّ الكهّان من شأنه التسجيع ، أو أنّه سجّاعة - كما في طرقنا - والراوي من طريقنا نقل بالمعنى في موضع يجب نقله باللفظ حتّى يناسب جواب النبي صلَّى اللَّه عليه وآله ومن هذا وأشباهه يعرف ضبط الراوي وإتقانه في النقل . - الثامن - إنّ « حديث الضرر » محتمل عند القوم لمعان : أحدها : أن يراد به النهي عن الضرر ، فيكون نظير قوله تعالى : « فَلا رَفَثَ ولا فُسُوقَ ولا جِدالَ فِي الْحَجِّ » وقوله تعالى : « فَإِنَّ لَكَ فِي الْحَياةِ أَنْ تَقُولَ لا مِساسَ » في « مجمع البيان » معنى لا مساس : أي لا يمسّ بعض بعضا ، فصار « السامريّ » يهيم في البريّة مع الوحش والسباع لا يمسّ أحدا ولا يمسّه أحد ، عاقبة اللَّه تعالى بذلك ، وكان إذا لقي أحدا يقول : لا مساس : أي لا تقربني ولا تمسّني . ومثل قوله صلَّى اللَّه عليه وآله : لا جلب ولا جنب ولا شغار في الإسلام . وقوله صلَّى اللَّه عليه وآله : لا جلب ولا جنب ولا اعتراض وقوله صلَّى اللَّه عليه وآله : لا إخصاء في الإسلام ولا بنيان كنيسة . وقوله صلَّى اللَّه عليه وآله : لا حمى في الإسلام ولا مناجشة . وقوله صلَّى اللَّه عليه وآله : لا حمى في الأراك . وقوله صلَّى اللَّه عليه وآله : لا حمى إلَّا ما حمى اللَّه ورسوله . وقوله صلَّى اللَّه عليه وآله : لا سبق إلَّا في خفّ . أو حافر أو نصل . وقوله صلَّى اللَّه عليه وآله : لا صمات يوم إلى الليل . وقوله : صلَّى اللَّه عليه وآله : لا صرورة في الإسلام . وقوله صلَّى اللَّه عليه وآله : لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق . وقوله صلَّى اللَّه عليه وآله : لا هجر بين المسلمين فوق ثلاثة أيّام . وقوله : لا غشّ بين المسلمين هذا كلَّه ممّا في الكتاب والسنّة النبويّة ، ولو ذهبنا لنستقصي ما وقع من نظائرها في الروايات واستعمالات الفصحاء نظما ونثرا ، لطال المقال وأدّى الملال . وفيما ذكرنا كفاية في إثبات شيوع هذا المعنى في هذا التركيب - أعني تركيب « لا » التي لنفي الجنس - وفي ردّ من قال في إبطال احتمال النهي : إنّ النفي بمعنى النهي وإن كان ليس بعزيز ، إلَّا أنّه لم يعهد من مثل هذا التركيب . ثانيها : أنّ المنفيّ هو الضرر الغير المتدارك الغير المجبور ، فالضرر وإن كان واقعا