[ الوجه ] الرابع : أن يراد منه نفي حقيقة الضرر حقيقة ، أخذا بالحقيقة مطلقا . لكن لا بدّ من تقييد إطلاقه لعدم صدقه إلَّا في الضرر المترتّب على الحكم ، من غير احتياج إليه حتى على المعنى الثاني لأنّ المنفيّ عليه [1] هو الحكم الَّذي لو عمل به لوجد الضرر . فمتعلَّق النفي هو سبب الضرر الَّذي بيد الشارع ، فلا ينافيه وقوع بعض الضرر في الخارج [2] . لكن على هذا [3] يكون المنفيّ هو نفس الضرر بحقيقته ، ولمّا لم يصدق لوقوع بعض الضرر في الخارج فلا بدّ وأن يحمل على بعض أفراد الضرر ، وهو خصوص ما كان يقع لأجل حكم الشارع الباعث لفعل العبد ، أو لأجل عدم حكمه الرادع عن الوقوع ، فهو يخبر عن انتفاء خصوص هذين القسمين [4] حقيقة لأنّه لم يجعل السبب وهو الحكم الباعث ، ولم يترك الرادع الزاجر الفعليّ ، وهو الحكم المانع عن الوقوع في الخارج بجعل الحكم . فهو نظير إخباره عن عدم استحقاق العبد للعقاب في الشبهة التحريمية مثلا لأجل ترك سببه وهو جعل إيجاب الاحتياط . فهو يخبر عن عدم وجود الضرر المترتب على فعله ، وهو الجعل تارة ، وعدمه أخرى .
[1] أي : على المعنى الثاني في مفاد الحديث وهو مختار الشيخ الأنصاري قدّس سرّه . [2] حاصل ما أفاده : أنّه بناء على هذا الوجه لا بدّ من تقييد إطلاق النفي لوقوع بعض الضرر في الخارج ، فلا يصدق الإطلاق إلَّا في الضرر المستلزم للعمل بالحكم ، ولا تفتقر سائر المعاني المتقدّمة إلى هذا القيد حتى المعنى الثاني الَّذي ذهب إليه الشيخ الأعظم لأنّ المنفي بناء عليه هو الحكم الَّذي ينشأ من امتثاله ضرر ، فلا ينافي صدق إطلاقه تحقق الضرر الناشئ من غير حكمه تعالى . [3] وهو الوجه الرابع الَّذي ارتضاه قدّس سرّه . [4] وهما الضرر الناشئ من الجعل ومن عدمه .