ولا وقت يصح الفعل وحينئذ فارتفع التّناقض فهنا دعويان أحدهما أنّ المراد بوقت الحاجة هو وقت الحاجة إلى البيان والثّانية ارتفاع التّناقض حينئذ أمّا الثّانية فظاهر لأنّ قبح تأخير البيان عن وقت الحاجة وذلك إليه لا يعين وقت الحاجة فيجب تعيينه من الخارج فنقول أمّا الإجمال في التّكليف فوقت الحاجة إلى البيان فيه وقت الخطاب أو وقت العمل على اختلاف القولين وكيف كان فالاحتياج فيه ثابت قطعا إمّا لأنّ الغرض من التّكليف حمل المكلف على إتيان الفعل بعنوان الطَّاعة وهذا غير حاصل عند عدم البيان فالتّكليف بدونه عبث وأمّا استقلال العقل وبناء العقلاء على استقباح المولى إذا عاقب العبد على مخالفة التّكليف الَّذي لم يتمكن العبد من تحصيل العلم به ولو إجمالا وغير ذلك من الوجوه المذكورة لأصالة البراءة عند الشّك في التّكليف وأمّا الإجمال في المكلف به فالحاجة إلى البيان فيه ثابت في مقامين أحدهما كون المكلف به ماهيّة مركبة مخترعة بحيث لا يصل إليه العقل كالصّلاة والحج مثلا فالتّكليف به قبيح من دون بيان ثانيهما كونه مرددا بين أمور غير محصورة لا يتمكن المكلف من إتيانها جميعا فالتّكليف به أيضا قبيح وأمّا إذا كان مرددا بين أمور محصورة يتمكن المكلف من إتيانها فلا قبح في التّكليف به من غير بيان ولا حاجة فيه إلى البيان كما يحكمون بذلك في الإجمال العرضي وهو الحاصل باختفاء البيان بسبب الحوادث وبالجملة لا يعتبر في التّكليف إلَّا التّمكن من العلم بالتّكليف ولو إجمالا والتّمكن من الامتثال ولو بالاحتياط ومن يجوّز التّكليف بالمجمل إنّما يجوّزه مع وجود هذين الأمرين لا مطلقا ومع وجود الأمرين ليس هناك وقت الحاجة إلى البيان حتى يقبح تأخير البيان عنه فلا تناقض وأمّا الأولى فلأنّه لا وجه لقبح تأخير البيان عن وقت الفعل أو عن وقت يصح فيه الفعل أمّا الأوّل فلأنّه لا يقبح تأخيره عن وقت نفس الفعل المطلوب إذ الفعل المجهول إن أمكن إتيانه فلا وجه لقبح تأخير البيان وإن لم يمكن فكيف يتحقق الفعل حتى يتأخر عنه البيان وأمّا الثّاني أعني عن وقت يصح فيه الفعل فلأنّه ربما يكون المكلف عاصيا لا يكون بصدد الامتثال فلا وجه لقبح تأخير البيان في حقه وكذا لا يتم في الواجب الكفائي إذا أتى به من فيه الكفاية وكذا في الواجب التّخييري إذا تمكن الشّخص من بدله فلا قبح في تأخير بيان المجمل عن وقت يصح فيه العمل في شيء من هذه المقامات وليس ذلك إلَّا لعدم كونه وقت الاحتياج إلى البيان فتأمل تنبيهات أحدها اختلفوا في أنّ العام الوارد في مورد المدح أو الذّم مجمل فلا يجوز التّمسك بعمومه أو مبين ذكروا في ذلك في قوله تعالى