أيضا مستقلا لما عرفت سابقا من أنّ الأمر بالمطلق والمقيد لا يستفاد منه إلَّا تكليف واحد بخلاف الأمر بالمقيدين فيجمع هنا بين الحقين فيحكم بتقييد المطلق بأحد القيدين على التّخيير ويجعل الآخر تكليفا آخر وإن كان ثمرة الإبقاء على الإطلاق منتفية في المثال بعد ثبوت التّقييد إذ لو لم يتمكن من التّراب في الغسلة الأولى أو الأخيرة لم ينفع الوسط في التّطهير إذ لا يسقط اعتباره فيها بعدم التّمكن هذا ولكن الظَّاهر في المقام قيام الدّليل على الاتحاد فيقع التّعارض بين المقيدين فإمّا نقول بالتّخيير كما هو التّحقيق أو بالإجمال والرّجوع إلى الأصل العملي من استصحاب النّجاسة إلى أن يتحقق الرّافع أو أصالة البراءة أو نحوهما فتأمّل أصل في المجمل والمبين عرف المجمل بأنّه ما لم يتضح دلالته ونقض طرده بالمهملات لأنّها غير واضحة الدّلالة وفيه أنّ المراد بالموصولة ما كان موضوعا أو أنّ الظَّاهر من السّالبة كونها موجودة الموضوع ونقض أيضا يزيد المسموع من وراء الجدار لدلالته على وجود اللافظ مع أنّه غير واضح لعدم تعيّنه ويمكن دفعه بأنّ الظَّاهر اعتبار الدّلالة الوضعيّة دون العقليّة والطَّبعيّة ويشكل بأنّهم جعلوا الفعل من أقسام المجمل مع أنّه غير موضوع بل دلالته على الجهة الَّتي يراد الاستدلال بها عقليّة كما يستدل بفعل النّبي صلى الله عليه وآله على كونه مشروعا وينتقض أيضا بالمشترك لأنّ دلالته على المعنى واضحة بعد العلم بالوضع وإن اعتبر الدّلالة على المراد انتقض بالفعل إذ لا دلالة له على المراد بل لا يصدق المراد فيه مع أنّه يلزم كون اللَّفظ المراد به المعنى المجازي مع انفصال القرينة مجملا في الواقع وكذا العام المخصص والمطلق المقيد عند تأخير المخصص والمقيد والظَّاهر خلافه والأولى أن يقال إنّ المجمل هو ما يحتمل احتمالين متساويين فصاعدا سواء كان الاحتمال من جهة عدم العلم بالوضع أو من جهة تعدد الوضع كالمشترك أو من جهة الجهل بالمراد كما لو نصبت قرينة صارفة عن المعنى الحقيقي مع تعدد المجازات وخرج العام المخصص وأمثاله لعدم تساوي الاحتمالين لأنّه قبل بيان المخصص ظاهر في العموم وبعده يظهر الخصوص فلا احتمال أصلا وإطلاق البيان على المخصص لا يستلزم كون العام مجملا إذا المراد بكونه بيانا أنّه يبين مورد الحكم المتعلق ظاهرا بالعام ثم المجمل إمّا قول أو فعل والقول إمّا مفرد أو مركب وإجمال المفرد إمّا من جهة اللَّفظ أو المعنى وكل منهما إمّا بالذات أو بالعارض فالذّاتي في اللَّفظ كلفظ إنّ لاشتراكه بين الحرف والفعل وكل منهما يختص بمعنى واحد والعرضي في اللَّفظ كلفظ مختار لاشتراكه بين اسم الفاعل والمفعول بسبب الإعلال والذّاتي في المعنى كلفظ عين المشترك بين المعاني