الثّاني ليست بعيدة عن الصّواب فتأمّل هذا إذا كان العموم والإطلاق في الجزاء وأمّا إذا كان العموم في الشّرط نحو إن جاءك العلماء فأكرم زيدا فهل المفهوم انتفاء الجزاء بانتفاء مجيء مجموع العلماء فلو جاء بعض دون بعض انتفى الجزاء لصدق انتفاء عموم الشّرط أوّلا بل المفهوم انتفاؤه بانتفاء مجيء أحد من العلماء فلو جاء البعض لم ينتف الجزاء والضّابط هو أنّ العموم إن اعتبر موضوعا في الشّرط ترتّب انتفاء الجزاء على انتفاء العموم وإن اعتبر سورا وآلة للملاحظة وكان كل فرد موضوعا للتّعليق ترتّب انتفاء الجزاء على انتفاء الجميع والظَّاهر في المثال هو الأوّل هذا إذا كان الجزاء حكما لغير العام وأمّا لو كان حكما له نحو إن جاءك العلماء فأكرمهم فالظَّاهر منه عرفا هو التّوزيع فوجوب إكرام كل منهم معلق على مجيئه وينتفي بانتفائه ولا ينتفي بانتفاء مجيء غيره وأمّا لو كان الشّرط مطلقا فالمفهوم انتفاء الجزاء بانتفاء المطلق ولازم انتفائه انتفاء جميع أفراده كما عرفت ثم إنّه لو كان الجزاء مقيدا بقيود عديدة ورد النّفي على القيود إذا ثبت كونها قيدا من الخارج لا من نفس التّعليق كما أشرنا إليه ولا فرق في القيود الخارجيّة بين المتصل منها والمنفصل لأنّ المنفصل أيضا منوي مع المطلق وإنّما أخر بيانه فالمراد من الجزاء هو القيد فيكون هو المنتفي بانتفاء الشّرط لا المطلق تنبيه قد عرفت أنّ النّزاع في أنّه إذا كان الشّرط أو الجزاء عاما كان في المفهوم عموم السّلب أو سلب العموم مرجعه إلى أنّ الشّرط والجزاء أيّ شيء فإنّ الجزاء إن كان عموم الحكم كان المفهوم سلب العموم وإن كان نفس الحكم عموما كان المفهوم عموم السّلب وكذا إن كان الشّرط هو العموم انتفى الجزاء بانتفاء العموم وإن كان الشّرط كل فرد فرد انتفى بانتفاء الجميع على ما عرفت تحقيقه فاعلم أنّ ذلك النّزاع غير النّزاع في أنّ المفهوم يعمّ أوّلا فإنّ مرادهم أنّه بعد إحراز الشّرط والجزاء فهل المفهوم هو انتفاء الجزاء في جميع أحوال انتفاء الشّرط أو لا بل المفهوم انتفاؤه عند انتفائه في الجملة فيمكن ثبوت الجزاء في بعض أحوال انتفاء الشّرط وهذا النّزاع يجري على كل من القولين السّابقين وبالعكس فإنّ قولنا إن جاء زيد فأكرم العلماء إن قلنا إنّ الجزاء وجوب إكرام العموم كان المفهوم منه سلب العموم فيقع النّزاع في أنّ هذا أعني سلب العموم ثابت في جميع صور انتفاء المجيء أو لا بل يكفي تحققه في بعض الصّور مثل صورة كونه قاعدا مثلا وكذا إن قلنا إنّ الجزاء وجوب إكرام كل فرد فرد كان المفهوم عموم السّلب فلا يجب إكرام أحد من العلماء عند انتفاء المجيء فيقع النّزاع في أنّه ثابت في مجموع صوره أو بعضها وكذا لو كان الشّرط هو العموم انتفى الجزاء بانتفاء العموم فيقع النّزاع في انتفائه في جميع صور انتفاء الجميع أو بعض صوره وبالجملة الفرق بين المسألتين ظاهر ونزاعهم في مفهوم قوله عليه السلام إذا بلغ الماء قدر كرّ لم ينجّسه شيء إنّما هو في تشخيص الجزاء أنّه عموم الحكم أو نفس الحكم وفي قوله عليه السلام كلما يؤكل لحمه يتوضأ من سؤره ويشرب إنّما هو في عموم المفهوم وعدمه بمعنى أنّ انتفاء جواز الوضوء والشّرب هل هو ثابت في جميع موارد عدم حليّة اللَّحم وجميع صوره أو لا بل يختص ببعض الصّور وقد خلط بعض المحققين بين المسألتين وجعلهما من واد واحد والتّحقيق