آخر وقرر بوجوبها أنّ الظَّهور من باب انصراف المطلق إلى الفرد الكامل نظرا إلى أنّ الشّرطيّة موضوعة لمطلق اللَّزوميّة والفرد الكامل منها هو العليّة والمعلوليّة فلهذا ينصرف الشّرطيّة إليها وفيه نظر أمّا أوّلا فلأنّ وضع الحروف شخصي والموضوع له فيها جزئي لا فرد له حتى ينصرف إليه وأمّا ثانيا فلأنّ انصراف المطلق إلى الفرد الكامل غير مسلم ما لم يكن شائع الاستعمال فيه وشيوع الاستعمال في المقام غير مسلم لكثرة استعمال الشّرطيّة في الاتفاقيّات والوصليّات وموارد معلوليّة الأوّل للثّاني وأمّا ثالثا فلأنّ كون علقة العليّة أكمل لا يوجب إلَّا ظهور تحقق العليّة بين المقدم والتّالي فما وجه الحكم بعليّة الأوّل للثّاني دون العكس ومنها أنّ الظَّهور المذكور من جهة إطلاق لفظ الشّرط فإنّ قوله إن جاء زيد فأكرمه يقتضي بإطلاق لفظ جاء أنّ المجيء مستقل في السّببيّة إذ لو كان هناك شرط آخر وجب ذكره وفيه أنّه إن أراد من الاستقلال في الشّرطيّة أنّ الشّرط ليس أمرا مركبا من أمور يكون المجيء جزءا منها بل هو مستقل في الشّرطيّة كنفس الوضوء للصلاة وليس من قبيل أجزاء الوضوء مثلا فمسلم لكن لا ينافي ذلك وجود شرط مستقل آخر فإنّ الوضوء شرط مستقل للصّلاة ولا ينافي كون ستر العورة أيضا شرطا وإن أراد أنّه سبب تام بحيث لا مدخليّة لشيء آخر في الشّرطيّة فاقتضاء إطلاق الشّرط لذلك ممنوع بل نقول إنّ إطلاق الشّرط لا يفيد الاستقلال بالمعنى الأوّل أيضا نعم يمكن استفادة ذلك من إطلاق الجملة الشّرطيّة مع إطلاق الجزاء إذ لو كان هناك شرط آخر لكان ترتيب الجزاء على الشّرط مطلقا غلطا ولكن لا يفيد ذلك إلَّا تحقق وجود الجزاء عند وجود الشّرط وأمّا كون الأوّل علة تامة فلا لإمكان كونه جزء الأخير من العلة أو كونه مع الجزاء معلولي علة واحدة أو كون الجزاء دائم الثّبوت حال وجود الشّرط وعدمه فالأولى هو إسناد الظَّهور إلى الوضع لا لأصالة كون التّبادر وضعيّا لأنّ حجّيّة الأصل في اللَّغات من باب الظَّن واستفادة الظَّن منه في المقام غير معلوم بل لأنّ الظَّهور لا يخلو إمّا أن يكون للوضع أو لغلبة الاستعمال ولا ريب أنّه لو كان من جهة الغلبة لاحتاج المخاطب في فهم الظَّاهر إلى ملاحظة الغلبة كما في المجاز المشهور ولكنّا إذا راجعنا أنفسنا نرى أنّا نفهم التّعليق من الجملة الشّرطيّة من غير التفات إلى أنّ ذلك هو المعنى الغالب الاستعمال بل قد علمت أنّ في أصل غلبة هذا الاستعمال منعا ظاهرا فكيف يستند الظَّهور إليها ثم إنّ المستفاد من التّعليق هو توقف الجزاء على الشّرط وانتفائه بانتفائه ومقتضى المنطوق ووجوده عند وجوده ولكن لا يستفاد من ذلك كون المقدم علة تامة لاحتمال كونه جزء الأخير أو كونهما معلولي علة واحدة أو كونهما متضائفين أو يكون شيء آخر علة لكن يتوقف تأثيره على وجود المقدم نحو إن لقيت صديقي فسلَّم عليه فإنّ اللَّقاء ليس علة للسلام بل العلة هي الصّداقة ولكنّها لا تؤثر في وجوب السّلام إلَّا حال اللَّقاء وبالجملة فيكفي في تحقق المفهوم استفادة التّوقيف والتّعليق من الشّرط وأن يثبت العليّة التّامة فافهم فقد علم بما ذكرنا أنّ الحق هو ثبوت المفهوم لأنّ المتبادر من الجملة الشّرطيّة هو التّعليق ولازمه ثبوت المفهوم كما عرفت وبهذا يعلم دفع ما يتوهم