لاجتماع الأمر والنّهي فيه لأنّ الخروج شيء واحد قد نهي عنه قبل الدّخول وأمر به بعده واختلاف زمان الأمر والنّهي لا يوجب تعدد المطلوب منهما ذاتا وإن هو إلَّا نظير النّسخ قبل حضور وقت العمل وبالجملة الخروج متوقف على الدّخول فالنهي عنه نهي عن الخروج المحقق بعد الدّخول والمفروض أنّه بعينه مأمور به لكونه تخلصا عن الغصب وعلى هذا فلا يمكن كون الخروج منهيّا عنه وحيث لا نهي فلا عقاب ويمكن دفعه بأن يقال إنّ كل ما يمكن من التّصرفات المفروضة في الغصب فهو منهي عنه فيجب ترك كل من الدّخول والبقاء والخروج منضما بعضها إلى بعض لكنّه إذا عصى بالدخول فقد خالف النّهي واستحق العقاب لكنّه حينئذ يؤمر بالخروج وليس تركه حينئذ مطلوبا لفوات وصف الانضمام والحاصل أنّ الخروج يتصور تركان أحدهما تركه مع ترك الدّخول والثّاني تركه بعد الدّخول والواجب هو الأوّل فيستحق العقاب بمحض الدّخول لأنّه موجب لتفويت الواجب والحرام هو الثّاني ولذا يجب عليه الخروج بعد الدّخول وهذا نظير بعض المستحبات الَّذي يجب إتمامه بالشروع كالاعتكاف والحج المستحب وأمثالهما فإنّه بحسب الظَّاهر مشكل لأنّ المستحب هو ما يجوز تركه فإذا جاز ترك المركب جاز ترك أجزائه فما معنى وجوب بعض الأجزاء ودفعه أنّ ترك تلك الأجزاء قد يكون مع ترك الأجزاء الباقية وقد يكون مع إتيانه فإنّ ترك الصّوم في اليوم الثّالث من الاعتكاف قد يكون مع تركه في اليومين أيضا وقد يكون مع فعله فيهما والأوّل جائز وبه يصدق الاستحباب لأنّ المستحب هو ما يجوز تركه في الجملة والثّاني حرام فلا إشكال فافهم تنبيه قد أفتى الفقهاء بصحة الصّلاة عند الخروج من الغصب ماشيا في ضيق الوقت وهو بحسب الظَّاهر ينافي ما حكموا به من بطلان صلاة الجاهل بحرمة الغصب أو بكونه مبطلا إذا كان مقصرا في ابتداء الجهل وإن صار بعد ذلك غافلا وكذا ناسي الغصبيّة أو ناسي الحكم إذا استند النّسيان إلى تقصيره فإنّ صحة الصّلاة حال الخروج إن كانت من جهة قبح التّكليف بما لا يطاق مطلقا وإن كان مستندا إلى سوء اختيار المكلَّف فليس الخروج منهيّا عنه فظاهر أنّ هذا الوجه جار في الجاهل الغافل والنّاسي لقبيح تكليفهما وإن استند إلى التّقصير فيجب الحكم بصحة صلاتها أيضا وإن كان بطلان صلاتهما من جهة جواز التّكليف بما لا يطاق إذا استند إلى تقصير المكلف فظاهر أنّه جار في الخارج عن الغصب فيجب الحكم ببطلان صلاته ويمكن الجواب بأن يقال يكفي في بطلان العبادة كونها معصية وإن لم تكن منهيّا عنها حال الفعل فمن أوقع نفسه من شاهق في الماء في نهار رمضان لم يصح منه الغسل ارتماسا وإن ارتفع عنه النّهي عن الارتماس لعدم تمكنه من تركه لأنّ الارتماس معصية فلا يمكن أن يكون مطلوبا بل الكلام جار في كل في فعل منهي عنه لارتفاع النّهي حال وجود العلة التّامة الَّتي من جملة أجزائها الإرادة وحينئذ فنقول إنّ صلاة الجاهل الغافل المقصر في الغصب ليست منهيّا عنها لغفلته لكنّها معصية فلا يمكن كونها مطلوبة وأمّا الخروج عن الغصب فليس معصية إذ لم يتعلق به نهي أصلا أمّا بناء على ما قيل من لزوم التّكليف بما لا يطاق لو تعلق به نهي ولو قبل الدّخول لاتحاد موضوع الأمر والنّهي وإن اختلف زمانهما فظاهر وأمّا على ما ذكرنا من كونه نظير إتمام