أن يكون ترجيح الاجتناب عن كليهما لأمر آخر مثل وجود البدل للوضوء فلا يتم الاستدلال لقيام الاحتمال التّذنيب الثّاني قد ذكرنا أنّ المناط في جواز اجتماع الأمر والنّهي وعدمه هو كون تعدد الجهة مجديا ومكثرا للموضوع وعدمه فإن قلنا بأنّه ليس بمكثر للموضوع لم يجز الاجتماع لكونه اجتماع المتضادين وإن قلنا بأنّه مكثر للموضوع لم يمتنع الاجتماع من جهة التّضاد لتعدد الموضوع لكن يمكن امتناعه من جهة أخرى مثل استلزامه التّكليف بما لا يطاق فإذا ثبت عدم الامتناع من هذه الجهة أيضا فلا إشكال في الجواز واعتبار المندوحة في المسألة ليس لأنّ المناط في البحث هو لزوم التّكليف بما لا يطاق وعدمه بل لرفع موانع الجواز من جميع الجهات ومن اعتبر المندوحة إنّما اعتبرها إذا لم يكن عدمها مستندا إلى سوء اختيار المكلف وأمّا إذا كان مستندا إلى سوء اختياره ففي جواز الاجتماع خلاف بين المجوزين ومثلوا له بالمتوسط في الدّار المغصوبة ومحل الكلام فيه هو الخروج حيث اجتمع فيه عنوانان أحدهما التّخلص عن الغصب وهو واجب والثّاني الغصب وهو حرام وفيه بينهم أقوال أحدها أنّه مأمور به ومنهي عنه من جهتين والتّكليف بالمحال إذا كان بسوء اختيار المكلف جائز الثّاني أنّه مأمور به وليس منهيّا عنه ولا عقاب عليه والثّالث أنّه مأمور به فقط لكونه معاقب عليه أقول التّحقيق أنّ هذه المسألة ليست من جزئيات مسألة اجتماع الأمر والنّهي لأنّ حاصل ما قيل في وجهه هو أنّ متعلق الحكم هو كلي التّخلص والغصب وانحصر في الفرد وذلك لا يوجب ارتفاع العموم من وجه بينهما فإنّ التّخلص عن الغصب قد يجتمع مع الغصب وقد يوجد الأوّل دون الثّاني كما لو استأذن عن المالك في الخروج وقد يوجد الثّاني دون الأوّل فيكون المثال من جزئيات المسألة وهو فاسد إذ لا خطاب هناك إلَّا النّهي بقوله لا تغصب مثلا وهو بعمومه يشمل جميع أفراد الغصب من البقاء والدّخول والخروج فلو توسط في الدّار لم يمكن الحكم بحرمة البقاء والخروج كليهما لأنّه تكليف بالمحال والخروج أقلّ قبحا من البقاء فيحكم العقل بوجوبه تخلَّصا عن البقاء الَّذي هو أقبح وبالجملة ليس هناك أمر ونهي بحيث يدخل في تلك المسألة هذا وأمّا الأقوال المذكورة فالحق فيها عدم جواز الاجتماع وإن قلنا في غيره بالجواز إذ لا فرق في قبح التّكليف بالمحال بين أن يكون مستندا إلى سوء اختيار المكلف وعدمه إذ الغرض من التّكليف إمّا بعث المكلف على الامتثال أو للامتحان الأوّل قبيح عقلا عند عدم قدرة المكلف والثّاني لا يمكن إلَّا مع جهل المكلف بعجز نفسه ليتمكن من التّوطين وإلَّا فهو كتكليف الإنسان بالطيران من باب الامتحان وأمّا ترتب العقاب فاستدلوا عليه بأنّه قبل الدّخول كان منهيّا عن جميع التّصرفات من الدّخول والخروج وغيرهما وبواسطة الدّخول ارتفع عنه النّهي بالنسبة إلى الخروج لكن يصدق أنّه عصى النّهي الثّابت المتعلق بالخروج فإنّه كان متمكنا من امتثاله نظير المتقاعد عن قطع الطَّريق إلى ذي الحجة فإنّه ليس مأمورا به حينئذ لكنّه معاقب على ترك الحج لتمكَّنه من الامتثال وتفويته بنفسه ويشكل بأنّ نهيه عن الخروج وإن فرض قبل الدّخول مستلزم