باب المقدمة مع أنّ النّهي عن الطَّبيعة نهي عن جميع أفرادها فيلزم اجتماع الحكمين في الفرد من باب المقدمة أو الأمر المقدمي والنّهي النّفسي لأنّا نقول لا نسلم أوّلا وجوب المقدمة وثانيا نسلم وجوبها التّوصلي وهو يجوز اجتماعه مع الحرام وثالثا نقول إنّ الفرد حرام صرف لكنّه يسقط الواجب لحصول الطَّبيعة في ضمنها هذا حاصل التّقرير وهو متوقّف على مقدميّة الفرد وعدم وجوب المقدمة وجواز اجتماع الوجوب التّوصلي مع الحرام وجواز كون الحرام مسقطا والجميع في معرض المنع ويمكن تقرير الدّليل بطريق لا يتوقّف على تلك المقدمات الممنوعة بأن يقال إنّ وجوب الطَّبيعة لا يستلزم وجوب الفرد بل لا حكم للفرد أصلا إذ ما يتصور حكما له إمّا الوجوب المقدمي وهو فرع كون الفرد مقدمة وهو ممنوع أو الوجوب النّفسي وهو أيضا باطل إذ المراد به إمّا النّفسي العيني أو التّخييري الشّرعي أو التّخييري العقلي والأوّل مستلزم لعدم حصول الامتثال ببعض الأفراد والثّاني فرع تعلق الخطاب الشّرعي بالأفراد تخييرا وهو مفقود والثّالث إن أريد به إنشاء العقل الوجوب التّخييري للأفراد فممنوع وإن أريد به حكمه وتصديقه بأنّ الإتيان بأحد الأفراد مسقط للتّكليف لحصول الطَّبيعة في ضمنه فمسلم لكنّه ليس بالوجوب الشّرعي الذي هو ضد الحرمة فلم يلزم اجتماع الضّدين في محل واحد هذا غاية ما يمكن أن يقال في تقرير الدّليل العقلي للمجوزين وبما أسلفنا في المقدمات تعلم فساد جميع ذلك أمّا اعتبار المندوحة فلأنّه لا يوجب دفع المحذور وهو لزوم التّكليف بما لا يطاق إذ ليس علة قبح التّكليف بما لا يطاق كونه إلزاما بما لا يمكن إتيانه حتى لا يجري في الواجب التّخييري بل العلة هي أنّ الطَّلب من المكلف لما لا يتمكن من امتثاله قبيح فلو أراد إتيان الصّلاة في الدّار المغصوبة وتركها كان قبيحا لأنّه إرادة ما لا يمكن امتثاله وأمّا منع لزوم اجتماع الضّدين بالوجوه المذكورة فلفساد جميع الوجوه أمّا الأوّل فلما سبق أنّه لا يمكن فرض العموم من وجه إلَّا بأن يكون بين الكليّين قدر مشترك هو الموجود في مورد الاجتماع فالوجود واحد كما أنّ الموجود بالوجود النّفسي أيضا واحد وأمّا الوجه الثّاني فلأنّه مبني على تعلق الأحكام بالماهيّات وكون الفرد مقدمة وجواز اجتماع الواجب التّوصلي مع الحرام أو كون الحرام مسقطا والتّحقيق خلاف ذلك كله بل الأحكام متعلقة بالوجودات الخارجيّة لأنّها المتصفة بالمصالح والمفاسد ولو قلنا بتعلقها بالماهيّة أيضا تم المطلوب لأنّ الماهيّة مع قطع النّظر عن وجودها الذّهني والخارجي عدم صرف لا يمكن كونها متعلقة للطلب فإنّ المطلوب يجب أن يكون مما له ثبوت ولو في ظرف الذّهن فيكون الماهيّة الثّابتة مطلوبة والوجود سواء كان في الذّهن أو في الخارج ليس مغايرا للماهيّة كالأوصاف الخارجيّة من السّواد أو البياض ضرورة تأخّر الصّفة وجودا عن الموصوف ولا يمكن تقدم الماهيّة وجودا على الوجود فهما متحدان ذهنا وخارجا وتغايرهما إنّما هو في التّصور بمعنى أنّه يمكن للذّهن أن يتصور الماهيّة مرة ويتصور لها الوجود بتصور آخر مع أنّها بالتّصور الأوّل أيضا موجودة ذهنا لكن الذّهن لا ينظر إلى ذلك الوجود فتغايرهما إنّما هو بالتّصور ولذا قال بعضهم إنّ الوجود