لكل وجود عوارض مختصة به فإذا أريد تعيين فرد معين لزم تقييد الطَّبيعة ببعض عوارضه ليكشف ذلك عن إرادة الفرد المعين وإذا لم يقيد كشف عن إرادة جميع الأفراد على البدليّة أو استغراقا ولما لم يكن للعموم البدلي فائدة في المقام لعدم خلو المكلف عنه وجب إرادة الاستغراق لدليل الحكمة فافهم والأولى في الاستدلال على العموم الأفرادي والزماني جميعا أن يتشبث بالتّبادر عرفا وهو بناء العلماء أيضا من القديم إلى الآن حيث يفهمون من النّواهي المطلقة الدّوام وقد عرفت أنّه ليس من باب الوضع لعدم المنافرة والتّناقض عند تقييده بما ينافي الدّوام كما يلزم في المجازات فيكون إمّا من باب اللَّزوم للإطلاق أو للحكمة أو لغيرها فإن فهم العرف بنفسه معتبر في باب الدّلالات وإن لم يعلم وجهه تفصيلا فافهم الثّاني اختلفوا بناء على القول بالدّوام في أنّه تكليف مستقل بأن يكون التّكليف بأصل ترك الطَّبيعة مغايرا للتكليف بالدّوام فيكون التّارك في بعض الأزمنة دون بعض ممتثلا للتكليف الأوّل دون الثّاني أو لا بل هناك تكليف واحد فلا يتمثل إلَّا بالتّرك دائما والظَّاهر هو الأوّل ولا ينافيه فتوى بعض الفقهاء بانحلال نذر ترك شيء دائما بفعله مرة بتقرير أن وجهه اتحاد التّكليف فيتحقق الحنث وإن ترك بعده أبدا إذ لا يحصل مجموع التّروك لتخلل الفعل لأنّه مستند إلى النّصوص الخاصة ولا دخل له بدلالة النّهي الثّالث الظَّاهر من الدّوام على القول به هو الدّوام ما دام العمر لا الأبد لخروج ما بعد العمر بحكم العقل ولا معنى هنا للقول بأن دوام كل شيء بحسبه كما قيل به في الفور الرّابع كل من يقول بالدّوام يلزمه القول بالفور إذ هو مقتضى دليله وهو إفادة العموم ولا عكس لجواز أن ينفى الدّوام ويثبت الفور لدليل آخر أو ينفيهما معا فافهم أصل اختلفوا في جواز اجتماع الأمر والنّهي في الشّيء الواحد الشّخصي مع تعدد الجهة وعدمه على أقوال وتحقيق الحق يعلم في طي مطالب الأوّل قيل إنّ هذه المسألة أشبه بمقاصد الكلام منها بمسائل الأصول وربما يظهر من بعضهم أنّها داخلة في المبادي اللَّغويّة ومن بعضهم أنّها داخلة في مسائل الأصول والتّحقيق خلاف ذلك كله أمّا عدم دخولها في الكلام فلأنّ الكلام على ما عرفوه صناعة نظريّة يقتدر بها على إثبات العقائد الدّينيّة من إثبات الصّانع وصفاته الَّتي يتوقف عليها إثبات النّبي والولي والمعاد بما فيه وحاصله أنّه العلم الباحث عن أحوال المبدإ والمعاد ولا ريب في عدم ارتباط هذه المسألة بذلك إلَّا بأن يجعل البحث فيها عن حسن صدور الأمر والنّهي المذكور عن الله تعالى وقبحه وليس العنوان ذلك بل إنّما النّزاع في أنّ تعدد الجهة هل يوجب تكثّر الموضوع بحيث لا يلزم اجتماع الضّدين في موضوع واحد أو لا وأمّا عدم دخولها في المبادي اللَّغويّة فلأنّ النّزاع لا ينحصر في الأمر والنّهي اللَّفظيّين بل الكلام في اجتماع الوجوب والحرمة وإن أثبتنا بالإجماع أو بالعقل وأمّا عدم دخولها في مسائل الأصول فلأنّ مسألة الأصول هي ما يبحث فيها