طلبا لتحصيل الحاصل وأمّا عن الثّاني هو أنّه يكفي في مطلوبيّة التّرك ترتب مفسدة على الفعل ولا يجب تحقق مصلحة في التّرك مع أنّا لا نسلم عدم ترتب الأثر على الأعدام بالإضافة وإن سلم عدم ترتبها على العدم المطلق ثم إنّ القول المذكور مع عدم تماميّة دليله فاسد من أصله إذ المراد من الكف هو التّرك مع الميل إلى الفعل فإن كان مطلوبيّة التّرك مشروطا بالميل لزم عدم وجوبه على من لا ميل له إلى الفعل وجواز ارتكابه له وإن كان الكف واجبا مطلقا بالنّسبة إلى مقدمته وهي الميل لزم وجوب تحصيل الميل مقدمة لحصول الواجب وهو الكف كما هو الشّأن في مقدمات الواجب المطلق ولم يقل بهما أحد فإذا الحق هو القول الثّاني أصل هل النّهي يقتضي الدّوام أو لا والكلام فيه يقع في مطالب أحدها أنّ مراد المثبتين غير معلوم بل يحتمل وجوها منها أنّ النّهي موضوع لمعنى يلزمه الدّوام بحيث لو أقيمت قرينة على عدم إرادة الدّوام كان مجازا كما لو استعمل الجملة الشّرطيّة من دون إرادة المفهوم منها ومنها أنّ النّهي وإن لم يكن موضوعا لما يلزمه الدّوام لكن لو أطلق يحكم العقل بإرادة الدّوام منه فلو قيد وأريد منه غير الدّوام لم يكن مجازا ومنها أنّ النّهي المطلق موضوع لنفس الدّوام أو أنّ مطلق النّهي موضوع للدّوام والفرق بينهما أنّه على الأوّل لو استعمل النّهي المقيد في غير الدّوام لم يكن مجازا وأمّا على الثّاني فهو مجاز وأمّا كلام النّافي فيحتمل النّفي لجميع ما يحتمل كلام المثبت ويحتمل النّفي في مقابل بعضها ومقتضى التّحقيق أن يقال لا ريب في بطلان الاحتمال الأخير لعدم الدّليل على وضع النّهي للدوام والوضع توقيفي ومادة النّهي موضوعة للجنس والهيئة لطلب تركها فأين الدّوام وبهذا علم بطلان احتمال الأوّل أيضا مضافا إلى ما نرى من عدم لزوم تنافر ولا تناقض عند تقييد النّهي بما ينافي الدّوام وأمّا الاحتمال الثّاني أعني كون الدّوام مقتضى إطلاق النّهي فنقول إنّ ترك الطَّبيعة قد يكون في ضمن جميع الأفراد في جميع الأزمان وقد يكون في ضمن بعض الأفراد أو في بعض الأزمان وحينئذ فيحتمل في النّهي وجوه أربعة اقتضاء إطلاقه العموم الأفرادي والزماني وعدم اقتضائه لشيء منهما واقتضاؤه لأحدهما دون الآخر ذهب بعض المحققين إلى أنّ إطلاق النّهي يقتضي وجوب ترك الطَّبيعة بجميع أفرادها لكن لا في جميع الأزمان لصدق ترك الطَّبيعة بترك جميع الأفراد ولو في آن واحد فليس الدّوام مقتضى الإطلاق نعم يمكن إثباته بدليل الحكمة وذهب بعضهم إلى أنّ الإطلاق لا يقتضي شيئا نعم يمكن إثبات العموم الأفرادي والأزماني بدليل العقل أمّا الأفرادي فلأنّ ترك فرد واحد من الطَّبيعة وإن صدق عليه ترك الطَّبيعة لكنّه غير منفك عن المكلَّف ضرورة فإنّه إن اشتغل بفرد منها فقد ترك الفرد الآخر فإرادة ترك فرد واحد إرادة لأمر حاصل قهرا فوجب الحمل على العموم الأفرادي حذرا من لزوم الأمر بتحصيل الحاصل وأمّا العموم الزماني فبينوه بوجهين أحدهما أنّ ترك الطَّبيعة بجميع أفرادها في آن واحد لازم للمكلَّف عادة فلا فائدة في طلبه فيجب أن يكون المطلوب التّرك في جميع الأزمان إذ لا تعيين لمقدار خاص والثّاني أنّ الزمان المطلوب التّرك فيه لو كان معينا عند الأمر لزم