التّقيّة وأمّا فيه فتابع لما يستفاد من الدّليل فإن كان مقتضاه الإذن في إتيان الصّلاة بطريق التّقيّة ظاهرا في وحدة التّكليف وإن كان مقتضاه الأمر بالتّقيّة وحفظ النّفس لم يكن ظاهرا في ذلك وإن أمكن الحكم بالإجزاء أيضا لا من حيث الأمر الاضطراري بل لعدم عموم في أدلَّة وجوب الجزء المتروك تقيّة بحيث يشمل حال الاضطرار أيضا وكذا في غير التّقيّة من وقائع الاضطرار لكنّه خارج عن محل الكلام فافهم أصل هل النّهي بمادته وهيئته موضوع للتحريم أو لا والحق هو الأوّل أمّا المادة فللتّبادر عرفا حيث يفهم من قولهم نهي الحرمة بمعنى المنع عن التّرك حتما لا الحرام الذي يستحق فاعله العقاب فإنّه تابع لمرتبة النّاهي وأنّه هل يجب متابعته أو لا وقد يستدل بقوله تعالى ما ءاتيكم الرّسول فخذوه وما نهيكم عنه فانتهوا بتقريب أنّ المراد أنّه يجب الانتهاء عن كل ما نهى عنه الرّسول فيجب أن يكون النّهي للتحريم لعدم وجوب الانتهاء عن المكروهات واعترض بوجوه منها أنّه لا يدل على الوضع شرعا لاحتمال أن يكون النّهي مستعملا في الطَّلب الحتمي والاستعمال أعمّ من الحقيقة وفيه أنّه لا قرينة على إرادة ذلك إلَّا لزوم الكذب لو أريد مطلق طلب التّرك ويمكن دفع الكذب بتخصيص النّهي وضعا بالطَّلب التّحريمي فلا يتعين قرينة لما ذكر مضافا إلى دلالة الآية بعكس النّقيض على أنّ كل ما يوجب الانتهاء فليس بنهي يقول مطلق وهو المطلوب ومنها أنّه لا يدل على الوضع لغة ويكفي في رده أصالة عدم النّقل بعد ثبوت الوضع شرعا ومنها أنّه لو كان مقيدا للتحريم لما احتاج إلى الأمر بالانتهاء وفيه أنّ إفادة النّهي للتحريم لا يقتضي بنفسها وجوب الإطاعة وإلَّا لوجب إطاعة كل من صدر منه نهي فالآية إنّما هي لبيان وجوب ترك ما حرمه الرّسول صلى الله عليه وآله لوجوب إطاعته دون من لا يجب إطاعته فإنّ نهيه وإن أفاد التّحريم لكن لا يجب ترك ما حرمه بالنّهي وأمّا الصّيغة فلصدق النّهي عليها عرفا مجردا عن القرينة وقد أثبتنا أنّ المادة تفيد الحرمة ويمكن الاستدلال بالآية السّابقة أيضا بناء على أنّ طلب التّرك بالصّيغة داخل في قوله ما نهاكم لصدق النّهي عليه عرفا فيدل الآية على وجوب ترك كل ما طلب تركه بالصّيغة مجردا عن القرينة فيجب أن تكون موضوعة للتحريم وإلَّا لم يجب الانتهاء عنه مطلقا وبعبارة أخرى تدل الآية على أنّ كل ما طلب الرّسول صلى الله عليه وآله تركه بصيغة لا تفعل مجردا عن القرينة فهو واجب التّرك وبعكس النّقيض على أنّ كل ما ليس بواجب التّرك فهو ليس مما طلب الرّسول تركه بصيغة لا تفعل مجردة فيخرج المكروهات عن أن تكون مطلوب التّرك بالصّيغة المجردة فيثبت وضعها للتحريم وهو المطلوب وأمّا ما أفادتهما العلو والاستعلاء وعدمها فالكلام هو الكلام في الأمر وقد مر فراجع أصل هل المطلوب بالنّهي هو الكف أو نفس أن لا يفعل ذهب إلى كل فريق احتج الأوّلون بأنّ المطلوب يجب أن يكون مقدورا والعدم غير مقدور لأنّه أمر ثابت قبل الطَّلب وأيضا يجب أن يكون في المطلوب مصلحة مقتضية للطلب والعدم لا أثر له حتى يترتب عليه المصلحة والجواب أمّا عن الأوّل فهو أنّ العدم مقدور باعتبار القدرة على استمراره مع أنّه لا يتم فيما إذا كان المكلف مشغولا بالفعل فإن طلب تركه منه حينئذ ليس