بوجوب السّورة في الصّلاة ثم ظن في يوم الأحد بعدم وجوبها فلا خلاف هنا في عدم إجزاء الاجتهاد الأوّل بالنّسبة إلى ما بعد الاجتهاد الثّاني والثّالث أن يكون بينهما رابطة ويلاحظان بالنّسبة إلى وقت واحد كما لو ظنّ بوجوب السّورة فصلى الظَّهر ثم ظن بعدم وجوبها فهل يجزي ما فعله بالاجتهاد الأوّل أو يجب الإعادة والقضاء فهذا محل النّزاع فنقول إنّ مقتضى ما ذكر سابقا في صورة القطع بالخلاف من أنّ حجيّة الأمارات إنّما هي من جهة الكشف عن الواقع وأنّه ليس فيها مصلحة إلَّا مصلحة الواقع هو عدم الإجزاء لأنّ الدّليل الثّاني كاشف عن فساد الدّليل الأوّل وعدم حصول مصلحة الواقع فيجب الثّانية فالمقتضي لعدم الإجزاء موجود فلا بد لمدعي الإجزاء إمّا من نفي وجود المقتضي أو إثبات المانع فنقول ذهب بعضهم إلى منع وجود المقتضي وقرر بوجوه أحدها منع كون حجيّة الأمارات من جهة الطَّريقيّة والكشف وقد مر فساده الثّاني أنّه لم يثبت حجيّة الأمارات بالنّسبة إلى الأعمال اللاحقة وأمّا بالنّسبة إلى السّابقة فلا دليل على حجيتها ولا بدع في تبعض الحجيّة لجواز تفكك اللَّوازم في الأحكام الظَّاهريّة كثبوت المال دون القطع في السّرقة وثبوت النّجاسة دون الكفر لو دل خبر الواحد على نجاسة المفوّضة وكفرهم مثلا وغير ذلك وفيه أنّ هذا إنّما يتم لو كان دليل حجيّة الأمارات لبيّا وأمّا الأدلَّة اللَّفظيّة فبإطلاقها يشمل السّابقة واللاحقة لأنّها دالة على أنّه يجب أن يعمل مع مدلول الأمارة معاملة الواقع والواقع لا يتفاوت لاحقا وسابقا الثّالث أنّ الدّليل الثّاني ظني كالأوّل فلا ترجيح له عليه حيث يتعارضان وفيه أن المفروض حجيّة الدّليل الثّاني ووجوب العدول إليه وهو كاشف عن فساد الأوّل على ما هو المفروض فليس معنى حجيته إلَّا الحكم بفساد الأوّل فهو بمنزلة الوارد على الأوّل وذهب بعضهم إلى إثبات المانع وقرره بوجوه أحدها لزوم الحرج فإنّ من صلى بلا سورة خمسين سنة أو أكثر ثم ظهر له جزئيّتها فلا ريب أنّ وجوب القضاء عليه حرج عظيم والثّاني أنّه خلاف السّيرة المستمرة بين النّاس من المجتهدين والمقلَّدين عند تجدد الآراء فلا يحكمون بوجوب الإعادة والقضاء ونقض آثار الفتوى الأوّل والثّالث أنّه مستلزم للهرج وعدم الوثوق بالشّرع فإن من يريد تزويج امرأة مثلا يحتمل عنده أن يتجدد رأي مجتهده بحيث يوجب بينونتها عنه بلا طلاق فتزوج بآخر ثم يعدل المجتهد فيجب إرجاعها إلى الأوّل ويلزم التّشاجر والمنازعة فلا يقبل التّزويج لارتفاع وثوقه بالشّرع وغير ذلك من الأمثلة وفي الجميع نظر أمّا الأوّل فلأنّهم اختلفوا في أنّ الحرج يرفع التّكليف شخصا أو نوعا والمراد بالأوّل أنّه إذا كان التّكليف الخاص بالنّسبة إلى مكلف خاص موجبا للحرج فهو مرفوع عنه لا عن غيره ممن ليس عليه حرج والمراد بالثّاني أنّه يلاحظ نوع المكلفين فإن كان ذلك التّكليف حرجا بالنّظر إلى الغالب ارتفع عن النّوع جميعا حتى من ليس عليه عسرا وعلى كل تقدير لا يتم الاستدلال أمّا على جعله شخصيّا فلأن صورة انكشاف الخلاف ظنا تتصور وجوها كثيرة لأنّه إمّا يعدل من مطابق الاحتياط إلى المخالف وهنا لا قضاء وإمّا من المخالف إلى المطابق وحينئذ لا يخلو أعماله السّابقة من أن يكون مطابقة للاحتياط وعدمه لجواز أن يظن بعدم جزئيّة السّورة مثلا لكن يحتاط