بدونها نوعين من الصّلاة في كل منهما مصلحة الوجوب الأوّل في حق من أدرك الواقع والثّاني في حق الجاهل فالجاهل بوجوب السّورة مع قيام أمارة أو أصل على عدم وجوبها ليس مكلفا إلَّا بالصّلاة بغير سورة وهل هذا إلَّا القول بالتّصويب وهو خطأ ظاهر ووجهه ما عرفت وتوضيحه أنّ المحقق من مذهب العدليّة هو تحقق الحسن والقبح في الأفعال ذاتا أو بالاعتبارات وإن حكم الشّارع تابع للحسن والقبح فلا يأمر بالفحشاء ولا ينهى عن العدل والإحسان بل بالعكس وذلك الحسن والقبح داعي ومقتضي للأمر والنّهي بعد فرض سلامته عن معارض فالحسن المعارض بالقبح المساوي له أو أزيد لا يقتضي الأمر وبهذا علم أنّه لا يمكن أن يوجد في الفعل الواحد إلَّا مقتضي واحد للحكم الواحد فيكون الحكم فيه واحدا لعدم المقتضي لغيره وهو ثابت عند النّبي وقد جعل للوصول إليه طرقا قد تتخلف عنه وقد عرفت وجهه فالقول بأنّه لا حسن ولا قبح في الأشياء بل لله أن يحكم في كل شيء بكل حكم من الأحكام لكنّه حكم في بعضها وبينه للنّبي وأهمل بعضا ورخص للمجتهدين في الاجتهاد فكل ما فهمه فهو حكمه بمعنى أنّه لا حكم له قبل الاجتهاد وأنّه إنّما يتحقق به فكل مجتهد مصيب ولا حكم له عدا ما فهمه من الأدلَّة كما ذهب إليه الأشاعرة فاسد وكذا القول بأنّ الحكم الواقعي ثابت في كل واقعة عند النّبي لكنّه مختص بمن أدركه دون الجاهل الَّذي قام عنده الأمارات على خلافه كما هو لازم قول مدعي الإجزاء فإنّه يقتضي أن لا يكون للواقعة في حق الجاهل حكم أصلا قبل الاجتهاد وإن يتعدد الحكم الواقعي في واقعة واحدة مع ما عرفت من امتناع تعدد المقتضي لا يقال إنّ الموضوع متعدد فالعالم موضوع والجاهل موضوع آخر كالمسافر والحاضر ويجوز تعدد المقتضي بالنّسبة إلى موضوعات متعددة لأنّا نقول أوّلا لا دليل على تعدد الموضوع واختلافه بالعلم والجهل بل الظَّاهر من الأدلَّة الشّرعيّة أنّه لا مدخليّة لهما في الموضوع وثانيا أنّه يلزم خلو الواقعة عن الحكم بالنّسبة إلى الجاهل قبل الاجتهاد وقد عرفت فساده وأيضا فما وجه وجوب الاجتهاد والتّفقه عليه إذ لا حكم حتى يجب تعلمه بل لا يمكن تعلمه لأن العلم بشيء تابع لتحققه في الواقع فإن من البديهيّات تبعيّة العلم للمعلوم فإذا لم يكن حكم في الواقع لم يمكن العلم به وهو ظاهر ثم لو سلمنا أنّ هذا ليس تصويبا باطلا وأنّ الباطل منه هو القول بعدم تحقق الحكم الواقعي في الوقائع الاجتهاديّة أصلا فنقول إنّ في المسألة صورا متعددة لا يجري الدّليل المذكور في جميعها وذلك لأنّ الأصل أو الأمارة إمّا مطابق للواقع أو مخالف والأوّل خارج عن محل الكلام وعلى الثّاني إمّا لا ينكشف الخلاف أصلا أو ينكشف فعلى الأول يتم الدّليل إذ لو لم يكن مجزيا لزم التّفويت وعلى الثّاني إمّا ينكشف الخلاف في الوقت أو في خارجه فعلى الأوّل لا يتم ذلك لأن مقتضى إطلاق الأمر الواقعي وجوب الإعادة فلا يلزم التّفويت نعم لو كان في التّعجيل به في أوّل الوقت مصلحة اقتضى الدّليل المذكور حصولها بالعمل بالأمارة لا مصلحة ذات العمل فإنّ مقتضى إطلاق الأمر ثبوت الاشتغال به فيترتب عليه آثار الاشتغال بالفريضة من بطلان التّطوع وغيره مما يترتب على نفس الاشتغال بالواقع وأمّا ما يترتب على العلم بالاشتغال كالتّطوع