معنى حرفي . فالمتحصل مما ذكرناه : فساد القولين الأولين . وان المعنى الأسمى والحرفي ، متباينان بالذات والحقيقة . ثم إن القائلين بهذا القول ، اختلفوا في كيفية هذا التباين ، وما به الامتياز . فقد يقال : ان التغاير بينهما ليس بالتباين ، بل بالجزئية والكلية . وفيه انه ان أريد - يكون المعنى الحرفي جزئيا - انه جزئي خارجي حقيقي ، فيرد عليه ، ان لازم ذلك كون الاعلام الشخصية معان حرفية ، مع أنه نرى استعمال الحرف في الكلى . كقولنا : سر من البصرة ، وصل في المجسد . وان أريد به ، انه جزئي اضافي - كما عن صاحب الفصول - فيرد عليه ان لازم ذلك كون جميع الأسماء الا الأجناس العالية ، معان حرفية ، كما لا يخفى ، مع أن الأجناس العالية - كغيرها من الأسماء - قابلة للتفييد بقيد ، فتصير جزئية إضافية . وان أريد به انه جزئي ذهني ، فيرد عليه ما تقدم ، من أن لحاظ كون المعنى آلة لغيره ، وحالة ، له ، لا يوجب كون المعنى معنى حرفيا . واما ما أورده المحقق الخراساني على هذا الوجه ، من الايرادات الثلاثة ، فاثنان منها غير واردين . أحدهما : ان هذا اللحاظ لا يكون مأخوذا في المعنى والمستعمل فيه ، والا فلا بد من لحاظ آخر متعلق بهذا اللحاظ ، بداهة ان تصور المستعمل فيه مما لابد منه في استعمال الألفاظ ، وهو كما ترى . فيرد عليه ، انه يعتبر في الاستعمال لحاظ المستعمل فيه ، إذا لم يكن حاضرا بنفسه عند النفس ، من جهة انه إذا لم يتوجه إليه ، لا يمكن ان يحكم عليه ، وان يستعمل اللفظ فيه . وإذا كان المعنى من سنخ اللحاظ ، أو كان ذلك جزء له ، فلا حاجة في الحكم عليه واستعمال اللفظ فيه لحاظ آخر . ثانيهما : ان لحاظ المعنى حالة لغيره في الحروف ، ليس إلا كلحاظه في نفسه في الأسماء ، فكما لا يكون هذا اللحاظ معتبرا في المستعمل فيه ، كذلك ذاك اللحاظ . ويرد عليه ، ان المدعى ان لحاظ الالية اخذ جزء للموضوع له ، ودخيلا فيه بخلاف لحاظ الاستقلالية في الاسم ، ولذا يكون معنى الحرف جزئيا ، والمعنى الأسمى كليا .