بالاستعاذة منهم ، قال سبحانه " قل أعوذ برب الناس * من شر الوسواس الخناس " 1 ، وقال " وقل رب أعوذ بك من همزات الشياطين " 2 ، وقال " ان الذين يضلون عن سبيل الله لهم عذاب أليم " 3 ، وقال سبحانه " وأضل فرعون قومه وما هدى " 4 ، فلو كان الله تعالى هو المضل الحقيقي فيكف ذمهم عليه . وأيضا لو جبت الاستعاذة منه كما وجبت منهم ، ولاستحق المذمة كما استحقوا ، ولوجب أن يتخذوه عدوا كما وجب اتخاذ إبليس عدوا . الخامس انه عز وجل في كثير من الآيات نسب الضلال إلى العصاة ، كما في قوله تعالى " وما يضل به الا الفاسقين " 5 ، وقوله سبحانه " يضل الله من هو مسرف مرتاب " 6 ، فلو كان المراد بالضلال هو ما هم فيه لزم منه تحصيل الحاصل وهو محال : وأيضا فأمثال هذه الآيات صريحة في أنه يفعل بهم الاضلال بعد فسقهم ، فيكون مغايرا له . السادس انه تعالى يذكر هذا الضلال جزاءا لهم على سوء فعلهم وعقوبة عليه ، فلو كان المراد ما هم عليه لكان ذلك تهديدا لهم بشئ هم عليه مقبلون وبه متلذذون . ولذلك كله ذهب العدلية إلى أنه يجب المصير إلى وجوه أخرى من التأويل : الأول - أن يحمل الاضلال على الاضلال عن الجنة . الثاني - أن يحمل الاضلال على الهلاك والابطال ، كقوله تعالى " الذين كفروا وصدوا عن سبيل الله أضل أعمالهم " 7 ، وقوله تعالى " وقالوا أإذا ضللنا في الأرض أإنا لفي خلق جديد " 8 .
1 - سورة الناس : 1 و 4 . 2 - سورة المؤمنون : 97 . 3 - سورة ص : 26 . 4 - سورة طه : 72 . 5 - سورة البقرة : 26 . 6 - سورة غافر : 34 . 7 - سورة محمد ( ص ) : 1 . 8 - سورة السجدة : 10 .