" فيضل الله من يشاء ويهدى من يشاء " 1 ، وقال عز وجل " قل الله يضل من يشاء ويهدى إليه من أناب " 2 وقال سبحانه " ومن يرد فتدل هذه الآيات على أنه تعالى خالق الضلال والكفر في العبيد ، فيصدهم عن الايمان ويحول بينهم وبينه . وربما قالوا : ان هذا هو حقيقة اللفظ بحسب اللغة ، لان الاضلال عبارة عن جعل الشئ ضالا ، كما أن الاخراج والادخال عبارتان عن جعل الشئ خارجا وداخلا . وأورد العدلية على ذلك بوجوه : الأول انه لا يقال لمن صد الطريق أنه أضله بل يقال منعه ، وانما يقال أضله إذا أغواه . الثاني ان الله تعالى وصف الشيطان وفرعون وأمثالهما بالاضلال ، ومعلوم أنهم ليسوا خالقين للضلال في قلب أحد ، قال الله تعالى " انه عدو مضل مبين " 4 ، وقال " وأضل فرعون قومه وما هدى " 5 . الثالث ان ذلك يضاد كثيرا من الآيات ، كقوله تعالى " وما منع الناس أن يؤمنوا إذ جائهم الهدى " 6 وقوله سبحانه " فما لهم عن التذكرة معرضين " 7 ، وقوله عز وجل " أنى يصرفون " 8 ، إلى غير ذلك من الآيات . الرابع ان الله تعالى ذم إبليس ومن سلك سبيله في الاضلال والاغواء وأمر
1 - سورة إبراهيم : 4 . 2 - سورة الرعد : 27 . 3 - سورة الأنعام : 125 . 4 - سورة القصص : 5 . 5 - سورة طه : 79 . 6 - سورة الإسراء : 94 . 7 - سورة المدثر : 49 . 8 - سورة غافر : 69 .