بنفسك ولا تضرّ بغيرك ، لأنّ أخذه بدل ماله أو قيمته يرفع الضرر . وأمّا دفع الضرر من أصله فهو ممّا لا يمكن ولا محيص عنه . فالحاصل : أنّ الاستحفاظ على خطاب لا تضرّ بنفسك في مرحلة الدفع لا يمكن ، وأمّا في مرحلة الرفع فهو ممكن وبالاستحفاظ في هذه المرحلة كأنه لم يأذن بورود الضرر من الأول . وثانيا : أنّ تنصيف الضرر بين الطرفين ممّا لا موجب له بل يمكن دفعه أو رفعه بالنحو الذي ذكرناه . إن قلت : إنّ وجهه توجّه الضرر إليهما معا ولكن على سبيل منع الخلو وهذا يقتضي توجّهه إلى كل منهما خارجا حسب مقدار مالهما . قلت : ( أولا ) بل مقتضى حديث لا ضرر ومقتضى توجّهه إليهما دفعه عنهما إلَّا أنه حيث لا يمكن ذلك عن كل واحد منهما حسب الفرض ينصرف التكليف إلى رفع الضرر عن أحدهما ودفعه عن الآخر وإلَّا فيعكس الأمر ، فورود الضرر ابتداء على أحدهما ممّا لا بدّ منه ، فتأمّل فإنه دقيق وبالتأمّل يليق . ( وثانيا ) لو جاز الحكم بالتنصيف في المقام لجاز الحكم به فيما إذا كان المال متفاوتين في القلَّة والكثرة ، فيقال حينئذ : بتقسيم الضرر على الطرفين حسب مقدار مالهما كمّا وكيفا ، فما الذي منعه عن القول به ها هنا وجوّزه له هنا والحال أنّ مقتضى تمامية الوجه المذكور جريانه في جميع موارد توجّه الضرر على الشخصين ؟ ( وثالثا ) أنّ الخبر الذي أيّد كلامه به لم نجده في مظانّه . فالمتحصّل ممّا تقدم هو : أنّ مقتضى القاعدة الحكم بحفظ مالك كل من المالين ماله وتضمين مالية مال الآخر التي اضطرّ إلى إتلافها حسب الفرض . نعم لو لم يرض كل من الطرفين بتلف ماله وأخذ بدله أو قيمته يجب حينئذ عليهما إرفاع القضية إلى الحاكم ، بل يجب على الحاكم نفسه الابتداء بعلاج