بتقديم البدل والمثل أو القيمة والثمن فإنما دفع أو رفع عن صاحب المال الضرر ، وكذلك هو مكلَّف بتداركه بسبب تقديم المثل أو قيمة العيب الوارد على المال ، فإذا كان المكلَّف متمكَّنا من تدارك الضرر يتوجّه إليه خطاب : لا تضرّ ، لأنه متمكن من الاجتناب عن الضرر بسبب دفع المثل أو القيمة . نعم لو فرض أنه غير متمكن من ذلك ومع ذلك اضطرّ إليه فلا يمكن أن يتوجّه إليه الخطاب المذكور . والحاصل : أنه ليس في المقام معيار باب التعارض أو باب التزاحم ، فإنّ معيار الأول هو تمانع الدليلين في مقام الجعل والفرض أنه ليس هنا تمانع في ذاك المقام ، وكذا معيار الثاني هو تمانع الدليلين في مقام الامتثال بمعنى عدم إمكان الجمع بين موضوعي الدليلين وعدم إمكان تحقّق موضوعيهما في الخارج ، والمقام ليس من هذين القبيلين لأنه يمكن الفرار عن الضرر وعدم إيجاده في كل من الطرفين ، أمّا الطرف الذي اختار حفظ كمال مالية ماله فلتحفّظه على ماله وإبعاده ماله عن الضرر ، وأمّا الطرف الذي ورد عليه الذبح أو الكسر فلتقديم بدله أو قيمته من الطرف الذي استحفظ على كمال مالية ماله بإيراد العيب على مال الطرف الآخر ، فإذا أمكن تحقّق الموضوع من الطرفين بنحو الذي ذكرناه تعلَّق به حكم لا تضرّ في كلا الطرفين وصار منجزا حتميا ، فافهم . ( وأمّا القول الثالث ) فضعف شقّه الثاني وهو قوله : وأمّا إن كانا متفاوتين . فقد عرفت في ردّ القول الأول . وأمّا ضعف شقّه الأول فأولا : لأنّ إرجاع القصّة إلى الحاكم يحتاج إلى دليل قاطع ولم يجيء رحمه الله به بل الظاهر جواز إقدامهما بنفسهما على فصلها وحلَّها بما هو مقتضى القاعدة على ما بيّناه في الردّ على القول الثاني من أنّ مقتضى إمكان وجود موضوع الحكم وهو الضرر في الطرفين إجراء كلا دليلي النهي عن الضرر بأن يأخذ صاحب الدابة أو القدر بدل ماله أو قيمته بعد أن يرضى بتلفه فيكون مستحفظا بخطاب : لا تضرّ