الشرعي ، والضرر في الأمثلة المذكورة ليس ناشئا من قبل الشارع في عالم التشريع حتى ينفى بحديث لا ضرر ، فلا يمكن التمسّك به لإثبات ضمان الحابس ولا لإثبات جواز طلاق الزوجة نفسها بنفسها أو بوكيلها . وفيه : مضافا إلى إمكان الجهل بالضرر فيكون الباعث له على ارتكابه هو الحكم كما تقدّم عن شيخنا النائيني رحمه الله ، أنّ معنى كون لا ضرر ناظرا إلى نفي الضرر في عالم التشريع إمّا أن يراد به نفي الحكم الثابت المجعول حال نفيه بسبب وجود الضرر وإمّا أن يراد به نفيه قبل نفيه بالضرر ، وكلاهما باطلان . أمّا الأول فهو يستلزم جمع الضدّين وهو محال ، وأمّا الثاني فلأنّ المراد من حكومة لا ضرر على أدلة الأحكام الأولية ليس بمعنى أنّ دليل الحكم الأولي يثبت مؤدّاه وينجزه شرعا ثم يرفع بحديث لا ضرر ، فإنّ ذلك واضح البطلان ، بل بمعنى أنّ دليل الحكم الأولي في مورد الضرر يقتضي الثبوت والجعل ولكن لا ضرر منع عن ثبوته وجعله ، وذلك لأنّ الأحكام كلَّها - سواء كانت أحكاما أولية كدليل وجوب الوضوء والغسل وغيرهما أو كانت أحكاما ثانوية كدليل حرمة الوضوء أو الغسل الضرري أو غيرهما - أحكام أزلية في الجعل ، فحرمة الفعل الضرري أو عدم تشريعه أو حرمة عدم الفعل الضرري أو عدم تشريعه كلَّها أزلية أبدية . فعليه فكما أنّ الحكم الاقتضائي بعدم سلطنة الأنصاري على عرضه أو ماله حكم ضرريّ منفيّ بلا ضرر كذلك الحكم الاقتضائي بعدم ضمان الفاتح لباب القفص إذا طار بذلك الحيوان أو الحابس للإنسان إذا فاته عمله المأجور ، وعدم مسؤوليتهما بالنسبة إلى عملهما حكم ضرريّ منفيّ بلا ضرر ، وكذلك الحكم الاقتضائي بحرمة طلاق الزوجة نفسها عند منع الزوج عن الإنفاق عليها أو عند غيبته غيبة مجهولة وبقاء حقّ الطلاق بيد الزوج حكم ضرريّ منفيّ بلا ضرر ، فلا فرق بين مورد قصّة سمرة وبين الأمثلة المذكورة من جهة إمكان نفي الضرر ، فإذا انتفى مثل هذه الأحكام الاقتضائية كانت نتيجته الضمان .