الأول : أنّ حديث لا ضرر ناظر إلى نفي الأحكام المجعولة في الشريعة المقدّسة وتقيّدها بصورة عدم الضرر ، وعدم الحكم ليس حكما مجعولا فلا يشمله حديث لا ضرر . وفيه : أنّ شمول لا ضرر للأحكام الأولية ليس بمعنى شموله للأحكام المجعولة فعلا أو منجزا ، وإلَّا فشموله لها خلف واضح ، بل بمعنى شموله لماله المقتضي للجعل والوضع لولا دليل لا ضرر ، ففي الواقع لم يجعل مثل هذه الأحكام ، وذلك لأجل وجود المانع من جعله وهو كونها ضررية ، وهذا المعيار موجود فيما يقتضي الجعل من الأحكام الوجودية والعدمية معا ، فكما أنّ لا ضرر يشمل نفي جعل الوجوب في الوضوء أو الغسل الضرري كذلك يشمل نفي عدم جعل الضمان بالنسبة إلى الحابس أو الفاتح أو الحافر ، لأنّ عدم جعل الضمان لو قبل وجعل في الشرع لكان حكما ضرريا ، فبمقتضى لا ضرر نعلم أنه لم يجعل ولا سيّما بملاحظة ما ورد من أنّ الله لم يترك في دينه واقعة بلا حكم [1] . ومن العجيب ما في تقريرات سيّدنا الأستاذ رحمه الله حيث قال بعد الإقرار بصحة هذا الجواب : هذا من حيث الكبرى إلَّا أنّ الصغرى لهذه الكبرى غير متحقّقة ، فإنّا لم نجد موردا كان فيه عدم الحكم ضرريا حتى نحكم برفعه وبثبوت الحكم بقاعدة لا ضرر [2] . مع أنه ذكر الموارد المذكورة وحكى عن بعض الأساطين الحكم فيها بمقتضى لا ضرر ، ولعلَّه من طغيان القلم أو نسيان الكلام . الثاني : أنّ حديث لا ضرر ناظر إلى نفي الضرر في عالم التشريع كما مرّ مرارا ولا دلالة فيه على وجوب تدارك الضرر الخارجي المتحقّق من جهة غير الحكم
[1] بحار الأنوار : باب 9 في تاريخ الإمام الصادق ( ع ) حديث 2 ج 47 ص 270 . [2] مصباح الأصول : ج 2 ص 560 .