وقد يعترض على هذا الاستدلال بأن الورود تارة يكون بمعنى الصدور ، وأخرى بمعنى الوصول ، فإذا كان مفاد الرواية جعل صدور النهي غاية فلا يتم الاستدلال ، لان الشاك يحتمل صدور النهي وتحقق الغاية ، وإذا كان مفادها جعل وصول النهي إلى المكلف غاية ثبت المطلوب ، ولكن لا معين للثاني فلا يمكن الاستدلال بالرواية المذكورة . وقد يجاب على ذلك بان الورود دائما يستبطن حيثية الوفود على شئ فلا يطلق على حثيثة الصدور البحتة . ولكن مع هذا لا يتم الاستدلال إذ لم يعلم أن الملحوظ فيه وفود النهي على المكلف المساوق لوصوله إليه ، بل لعل الملحوظ وفوده على الشئ نفسه ، كما يناسبه قوله يرد فيه نهي ، فكأنه النهي يرد على المادة فهناك مورود عليه ومورود عنه بقطع النظر عن المكلف ، وهذا يعني ان الغاية صدور النهي من الشارع ووقوعه على المادة ، سواء وصل إلى المكلف أو لا ، فلا يتم الاستدلال . ومنها : حديث الرفع وهو الحديث المروي عن النبي صلى الله عليه وآله ، ومفاده : رفع عن أمتي تسعة : الخطأ ، والنسيان ، وما أكرهوا عليه ، وما لا يعلمون ، وما لا يطيقون ، وما اضطروا إليه ، والحسد ، والطيرة ، والتفكر في الوسوسة في الخلق ما لم ينطق بشفة . وتقريب الاستدلال بفقرة ( رفع ما لا يعلمون ) يتم على مرحلتين : الأولى : أن هذا الرفع يوجد فيه بدوا إحتمالان : أحدهما : أن يكون رفعا واقعيا للتكليف المشكوك ، فيكون الحديث مقيدا ومخصصا لاطلاق أدلة الأحكام الواقعية الالزامية بغرض العلم بها . والآخر : أن يكون رفعا ظاهريا ، بمعنى تأمين الشاك ونفي وجوب الاحتياط عليه في مقابل وضع التكليف المشكوك وضعا ظاهريا بإيجاب