ارتكاب المخالفة فيها جميعا لكثرتها ، ففي مثل ذلك تجري البراءة في جميع الأطراف ، إذ لا يلزم من ذلك تمكين المكلف من المخالفة القطعية . * * * والآن بعد أن اتضحت القاعدة العملية الثانوية ، وهي البراءة الشرعية ، والقاعدة العملية الثالثة ، وهي منجزية العلم الاجمالي ، نستعرض جملة من الحالات التي وقع البحث في ادراجها ضمن القاعدة الأولى أو الثانية . حالة تردد اجزاء الواجب بين الأقل والأكثر : والحالة الرئيسية من حالات التردد هي ما إذا وجب مركب بوجوب واحد ، وكان كل جزء في المركب واجبا بوجوب ضمني ، وتردد أمر هذا المركب بين أن يكون مشتملا على تسعة اجزاء أو عشرة ، فهل تدخل هذه الحالة في حالات العلم الاجمالي أو حالات الشك البدوي ؟ ويجب ان نعرف قبل كل شئ ان العلم الاجمالي لا يمكن ان يوجد إلا إذا افترض جامع بين فردين متباينين وكان ذلك الجامع معلوما ومرددا في انطباقه بين الفردين ، واما إذا كان الجامع معلوما في ضمن أحد الفردين ويحتمل وجوده في ضمن فرد آخر أيضا ، فليس هذا من العلم الاجمالي ، بل هو علم تفصيلي بالفرد الأول مع الشك البدوي في الفرد الثاني . وهذا معناه ان طرفي العلم الاجمالي يجب ان يكونا متباينين ، ويستحيل ان يكونا متداخلين تداخل الأقل والأكثر . وعلى هذا الأساس يبدو ان الحالة المطروحة للبحث ليست من حالات العلم الاجمالي ، إذ ليس فيها علم بالجامع بين فردين متباينين ، بل علم تفصيلي بوجوب التسعة وشك بدوي في وجوب العاشر . وقول القائل : انا نعلم بوجوب التسعة أو العشرة كلام صوري لان التسعة ليست مباينة للعشرة .