نام کتاب : درر الفوائد في الحاشية على الفرائد نویسنده : الآخوند الخراساني جلد : 1 صفحه : 24
لكن هذا كلَّه إنّما هو على تقدير أن يكون المراد من التّكليف نوعه الخاصّ من الإيجاب أو التّحريم ، كما نصّ عليه في أول مسألة أصالة البراءة ، ومما أمكن فيه الاحتياط ، ما أمكن فيه الاحتياط التّام ، لا ما إذا أريد مطلق الإلزام ، وما يمكن فيه الاحتياط في الجملة ، حيث إنّ دوران الأمر بين الوجوب والحرمة في شيء أو في شيئين على هذا من الشّك في المكلَّف به ، لا في التكليف ، ودوران الأمر بين الوجوب والحرمة والإباحة مما يمكن فيه الاحتياط في الجملة بالتزام جانب الإلزام ، ومعاملة الواجب معه أو الحرام ، دون الأخذ باحتمال الإباحة ومعاملة المباح لأقلية احتمال خلاف الواقع معه كما لا يخفى . ثم إنّ سلامة ضبط مجاري الأصول في العبارة الَّتي قد ذكرناها ، إنّما هو على المختار من حجيّة الاستصحاب مطلقا . وأما على مختاره من عدم حجّيته في الشّك في المقتضى ، فما ذكر فيها ضبطاً لمجراه ومجرى ساير الأصول من غير تفاوت فيها أصلًا ، منتقض عكساً وطرداً ، فلا جرم عليه أن يقيد مجرى الاستصحاب بكون تلك الحالة الملحوظة تبقى بنفسها لو لم يرفعها رافع . ثم إنّ المراد من التّخيير ، وإن كان هو التخيير في العمل بعد التوقّف عن الحكم في مقام الفتوى وهو لم يتميّز عن البراءة عملًا أصلًا إلَّا أنّ ملاكه قبح التّرجيح بلا مرجّح مع عدم التّمكن من مراعاة الواقع ، بخلافه فيها ، فإنّه قبح العقاب بلا بيان مع التّمكن من مراعاته بالاحتياط . وبعبارة أخرى ، أنّ ترخيص العقل في الاقتحام فعلًا أو تركاً في مورد التّخيير ، إنّما هو لعدم التّرجيح في أحدهما ، وعدم تمكنه من تمام المراعاة بالاحتياط ، ومن تركه هذا المقدار من المراعاة مع علمه الإجماليّ الَّذي لو لا ذلك ، كفى به برهاناً وبياناً ، وفيها إنّما هو لقبح العقاب بلا بيان ، مع إنّ مراعاة التّكليف المجهول في موردها بمكان من الإمكان . قوله ( قده ) لا إشكال في وجوب متابعة القطع والعمل عليه - إلخ - . اعلم إنّ البحث فيه ( تارة ) من حيث أنّه يوجب العمل على طبقه ، والحركة على وفقه بما هو كاشف ، بان يؤتى بما قطع وجوبه مثلًا بما هو واجب ، لا بما هو صفة عارضة ، وخصوصية لاحقة ، بان يؤتى [1] به بما هو مقطوع الوجوب . ( وأخرى ) من حيث أنّه يوجبه كذلك لا بما هو كاشف . ( وثالثة ) من حيث أنّه يورث استحقاق العقوبة على مخالفة الواقع بترك اتباعه وعدم استحقاقها عليها باتّباعه .