نام کتاب : درر الفوائد في الحاشية على الفرائد نویسنده : الآخوند الخراساني جلد : 1 صفحه : 23
ثمّ اعلم إنّ الأحسن في ضبط مجاري الأصول أن يقال : إنّ الشّك أمّا أن يلاحظ فيه الحالة السابقة أم لا ، والأوّل مجرى الاستصحاب . وعلى الثاني أمّا أنّه ممّا يمكن الاحتياط ، وإن لم يكن الشّك في أصل الإلزام ، بل كان الإلزام في الجملة معلوماً ، كما إذا دار الأمر بين وجوب شيء وحرمة شيء آخر ، أو دار الوجوب أو الحرمة بين شيئين ، حيث أنّه يمكن الاحتياط فيهما ، أو كان الشّك فيه وإن لم يمكن فيه الاحتياط ، أم لا ، كما إذا دار الأمر بين وجوب شيء وحرمته وإباحته ، فإنّه لا يمكن فيه الاحتياط وإن كان الشّك فيه في أصل التّكليف ، فيكون مجموع أقسام هذا الشّق بكلا شقّيه أربعة ، والشقّان متداخلان في دوران الأمر بين وجوب شيء أو حرمته وبين إباحته ، ويتفارقان في دوران الأمر في الوجوب والحرمة بين الشيئين ، والدوران بين وجوب شيء وحرمة آخر ، والدوران بين الوجوب والحرمة والإباحة في شيء كما لا يخفى على المتأمل . الثاني مجرى التّخيير ، وعلى الأول : أمّا أن يكون في البين حجّة ناهضة على التّكليف عقلًا أو نقلًا ، أم لا . الأوّل مجرى الاحتياط ، والثاني مجرى البراءة . وذلك لعدم انتقاض واحد من المجاري بالآخر طرداً وعكساً ، بخلاف ما ذكره هاهنا ، وفي أصل البراءة كما بينّاه فيما علَّقناه وحققناه سابقاً ما [1] ملخّصه : هو انتقاض مجرى كل واحد من البراءة والاحتياط بمجرى الآخر طرداً وعكساً في كلتا العبارتين بما إذا دار الأمر بين وجوب شيء وحرمة شيء آخر ، حيث انّ قضيّتهما أن يكون مجرى البراءة ، حيث أنّه شكّ في التّكليف ، ويمكن فيه الاحتياط ، ومختاره فيه الاحتياط ، وانتقاض كلّ من مجرى البراءة والتّخيير بالآخر ، طرداً وعكساً في العبارة الأولى ، بما إذا دار الأمر بين الوجوب والحرمة والإباحة في شيء واحد ، حيث أنّه ممّا لا يمكن فيه الاحتياط ، وقد جعل فيها مطلقا ضبطاً لمجرى التّخيير ، ومختاره فيما كان منه كذلك البراءة . وفي العبارة الأخرى بما إذا دار الأمر بين الوجوب والحرمة في شيء واحد ، فانّ الشّك فيه في التكليف ، وقضيّة الإطلاق في ضبط مجرى البراءة فيها أن يكون مجرى [2] البراءة ، وهو على مختاره من مجاري التخيير ، انتهى . ولا يخفى ما في عبارته قدس سره في أول مسألة أصالة البراءة من الاختصاص بانتقاض كل واحد من مجرى التّخيير والبراءة بالآخر بخصوص ما يختصّ به العبارة الأولى من دون انتقاض آخر يشارك فيه الأخرى ، كما لا يخفى .