رفع المؤاخذة ، وإلاّ فأيّ فرق بين قوله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) : ( رفع ما لا يعلمون ) ( 1 ) ورفع ما اضطرّوا عليه مثلاً ، ولم يشكّ أحد في كونه مسألة فقهيّة . وبالجملة : ماهيّة البراءة - بقسميها - هي أنّه في مورد الشكّ في التكليف لم تكن للمولى حجّة على العبد ، ولا يكون في ارتكابه ضيق وكُلفة ، لم تكن حقيقة البراءة جعل حكم ظاهريّ على عنوان الشكّ وأمّا أصالة الحلّ فماهيّتها جعل الحكم الظاهري ، وهو الحلّيّة الظاهريّة على عنوان المشكوك . فظهر الفرق بين أصالة البراءة وأصالة الحلّ ، وحاصله : أنّه لم يجعل في أصل البراءة حكم ظاهريّ على عنوان المتحيّر والشاكّ ، وغاية ما هناك أنّه في فُسحة من ارتكابه ، بخلاف أصالة الحلّ ، فقد جعل فيها الحلّيّة الظاهريّة على عنوان المشكوك ، وما يبحث في الأُصول عنه أصالة البراءة المقابلة لأصالة الاشتغال ، لا أصالة الحلّ ، ولذا لم يُستدلّ للبراءة بما يُستدلّ به لأصالة الحلّ ، كقوله ( عليه السلام ) : ( كل شيء فيه حلال وحرام فهو لك حلال أبداً حتّى تعرف الحرام منه بعينه فتدعه ) ( 2 ) إلاّ بعضهم ( 3 ) ; أخذاً من الشهيد ( قدس سره ) في « الذكرى » ( 4 ) ، وقد أشكل عليه الشيخ الأعظم ( قدس سره ) : بأنّه لا يدلّ على البراءة ، فلاحظ « الفرائد » ( 5 ) . فتحصّل : أنّ أصالة البراءة في الشبهات الحكميّة مسألة أُصوليّة ، يستفاد منها
1 - الكافي 2 : 335 / 1 باب ما رفع عن الأُمة ، التوحيد : 353 / 24 باب 56 في الاستطاعة ، وسائل الشيعة 11 : 295 ، كتاب الجهاد ، أبواب جهاد النفس وما يناسبه ، الباب 56 ، الحديث 1 . 2 - الكافي 5 : 313 / 39 باب النوادر من كتاب المعيشة ، وسائل الشيعة 12 : 59 ، كتاب التجارة ، أبواب ما يكتسب به ، الباب 4 ، الحديث 1 . 3 - هذا البعض هو السيد الصدر في شرح الوافية كما صرّح بذلك الشيخ في الفرائد : 200 . 4 - ذكرى الشيعة : 5 سطر 10 . 5 - فرائد الأُصول : 200 - 201 السطر الأخير .