إن قلت : إنّها بالأخَرة تنتهي إلى الوظيفة العمليّة ، فيشملها التعريف . قلنا : انتهاؤها إلى الوظيفة غير كونها نفس الوظيفة . ولا غرو في خروج بعض الأُصول العمليّة ، كأصالة الحلّ ونحوها من مسائل علم الأُصول ، ولا تستوحش منه ; لأنّه فرق بينها وبين أصالة البراءة في الشبهة الحكميّة بقسميها - العقليّة والشرعيّة - فإنّ أصالة الحلّ مسألة فقهيّة ، وأصالة البراءة مسألة أُصوليّة ; وذلك لأنّ مدرك البراءة العقليّة هو قبح العقاب بلا بيان ، ومعناه أنّه في صورة الشكّ في التكليف لم تكن للمولى حجّة عليك ، وأنت في سعة من ذلك ، وتقبح مؤاخذته عليك ، ولا حكم للعقل بانتفاء الحكم هناك في الواقع . ولا يبعد أن تكون أدلّة اعتبار البراءة شرعاً هو هذا المعنى أيضاً ، فكأنّها إرشاد إلى حكم العقل ، كقوله تعالى : ( لا يُكَلِّفُ اللهُ نَفْساً إلاّ ما آتاها ) ( 1 ) ، وقول الصادق ( عليه السلام ) : ( ما حجب اللهُ علمه عن العباد فهو موضوع عنهم ) ( 2 ) ، وقوله ( عليه السلام ) : ( الناس في سعة ما لا يعلمون ) ( 3 ) ، وحديث الرفع لو كان مفاده رفع المؤاخذة ، وإلاّ فإن كان مفاده رفع الجزئية أو الشرطيّة أو المانعيّة ، يكون مفاده مسألة فقهيّة . وتعرّض الشيخ الأعظم ( قدس سره ) لحديث الرفع في « الفرائد » ( 4 ) بلحاظ أنّه فهم منه
1 - الطلاق : 7 . 2 - التوحيد : 413 باب 64 في التعريف والبيان ، وسائل الشيعة 18 : 119 ، كتاب القضاء ، أبواب صفات القاضي ، الباب 12 ، الحديث 28 . 3 - الكافي 6 : 297 / 2 باب نوادر ، وسائل الشيعة 16 : 373 ، كتاب الصيد والذبائح ، أبواب الذبائح ، الباب 38 ، الحديث 2 ، وقد وردت في كلا المصدرين هكذا « هم في سعة حتّى يعلموا » لكنه ورد في العوالي ما هو قريب لما في المتن راجع عوالي اللآلي 1 : 424 / 109 وفيه « إن الناس في سعة ما لم يعلموا » . 4 - فرائد الأُصول : 199 سطر 13 .