بالنسبة إلى موضوع العلم ; لأنّها لم تعرض لموضوع العلم نفسه ، بل عرضت لنوع منه أو صنف منه . وقد ذهب القوم للتفصّي عن الإشكال يميناً وشمالاً في تعريف العرض الذاتي ، إلى أن اضطرّوا : تارة إلى إسناد المسامحة إلى رؤساء العلم في تعريف العرض الذاتي ، وأُخرى إلى الفرق بين محمول العلم ومحمول المسألة ( 1 ) . . . إلى غير ذلك من المطالب التي لا تشفي العليل ولا تروي الغليل . وأحسن ما قيل في مقام الدفع عن الإشكال ما أفاده صدر المتألّهين ( قدس سره ) - في أوائل السفر الأوّل من أسفاره الأربعة ( 2 ) - وحاصله على ما أُفيد : أنّ ما يختصّ بنوع من أنواع الموضوع ربّما يعرض لذات الموضوع بما هو هو ، وأخصّيّة شيء من شيء لا تُنافي عروضه لذلك الشيء ، كالفصول المنوّعة للأجناس ، فإنّ الفصل المُقسِّم عارض لذات الجنس من حيث ذاته مع أنّه أخصّ منها ، والملاك كلّ الملاك في الذاتي والغريب : هو أنّه كلّما يلحق الشيء لأمر أخصّ ، وكان ذلك الشيء مفتقراً في لحوقه له إلى أن يصير الأخصّ نوعاً متهيّئاً لقبوله ، فهو عرض غريب ، مثل لُحوق الضحك للحيوان ، فإنّه يعرضه بعد تخصّصه بالنفس الإنسانيّة تخصصّاً وجوديّاً . وأمّا إذا كان بنفس عروضه يتخصّص بخصوصيّة ، فهو عرض ذاتيّ ، مثل عروض الفصل للحيوان ، فإنّه بنفس عروضه له يتخصّص ، ويصير نوعاً خاصّاً . وموضوع علم الفلسفة حقيقة الوجود ، وهو مثل النور ، له عرض عريض ، يشمل جميع الماهيّات المتلبّسة بالوجود ، في عرض واحد ; أي شمول الوجود للموجود النفساني لم يكن بعد تخصّص الوجود بالوجود العقلاني ، وكذا شموله للموجود المادّي لم يكن بعد تخصّصه بالوجود العقلاني والنفساني ، بل تتحد تلك الحقيقة مع الموجود