العقلاني ، ويتخصّص بالوجود العقلاني ، وهكذا يتّحد مع الوجود النفساني ، ويتخصّص به ; من دون تخصيصه أوّلاً بالعقلاني ، ثمّ بالنفساني ، وهكذا بالنسبة إلى جميع الماهيّات الثابتة بالوجود ، حتّى الواقعة في أدنى مراتب الوجود . وبالجملة : يتخصّص الوجود بالتخصّص العقلي والنفسيّ والنباتيّ والجماديّ في عرض واحد ; أي لم يكن تخصُّص أحدهما بالوجود مسبوقاً بتخصّص الآخر ، بل نفس حقيقة الوجود تعرض العقل والنفس والنبات والجماد في عرض واحد ، وتتخصّص به . فالبحث عن تلك الأُمور بحث عن عوارض الوجود ، والحكيم الإلهي يبحث عن تلك الأُمور من جهة أنّها تعيّنات الوجود ، وتكون أشياء موجودة ، بخلاف الحكيم الطبيعي ، فإنّه يبحث عن تخصيص الوجود بمرتبة من المراتب ، وهي مرتبة الجسميّة . وبالجملة : محطّ نظر الحكيم الإلهي هو حقيقة الوجود ، والبحث في فلسفته عن تعيّنات الوجود بتعيّن كذا وكذا ، فأبحاثه كلّها عوارض ذاتيّة للوجود . وأمّا الحكيم الطبيعي فمحطّ بحثه لم يكن الوجود بما هو هو ، بل الوجود بعد تخصّصه بخصوصيّة الجسميّة . فبحث الحكيم الإلهي عن أحوال الجسم - بما هي أحوال الجسم ، وبعد تخصّصه بخصوصيّة الجسميّة - في فلسفته ، بحث عن العوارض الغريبة ، وأمّا بحثه عن أحواله - بما أنّه موجود - بحث عن عوارضه الذاتية . وبالجملة : فرق بين الحكيم الإلهي والحكيم الطبيعي ، فإنّ الإلهي يبحث عن تعيّنات الوجود وحقيقته من مبدأ وجوده إلى منتهاه ، فكلّ ما في صفحة الوجود يصحّ أن يبحث حوله الحكيم الإلهي بما هو موجود ، ولذا يُقال : إنّ موضوع علم الفلسفة أعمّ موضوعات العلوم ( 1 ) ; بحيث يشمل علم الفقه أيضاً ، وتنطوي فيه موضوعات
1 - تعليقات صدر المتألّهين على إلهيات الشفاء : 8 سطر 25 .