لم يزل ولا يزال العلماء يتمسّكون بها لنفي ما احتمل اعتباره أو رفع ما احتمل مانعيّته . ويمكن الاستدلال على كونها واردة في مقام البيان ، باستدلال الإمام الصادق ( عليه السلام ) على كون المسح ببعض الرأس لا تمامه ; لمكان الباء ( 1 ) في قوله تعالى : ( وَامْسَحُوا بِرُءُوسِكُمْ . . . ) ( 2 ) . وهل لا يصحّ التمسّك بإطلاق قوله تعالى : ( وَلْيَطَّوَّفُوا بِالبَيْتِ الْعَتِيقِ ) ( 3 ) إذا شكّ في كون الطواف - مثلاً - من يمين الكعبة أو يسارها ، وهل لا يتمسّك بقوله تعالى : ( وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إلَيْهِ سَبِيلاً ) ( 4 ) من تحقّق له أوّل مرتبة الاستطاعة إذا شكّ في اعتبار قيد آخر ، وهكذا غيرها من المطلقات التي يظفر بها المتتبّع في أبواب الفقه ، ولا مفرّ له من التمسّك بها . وليت شعري ، أيّ فرق بين مطلقات الكتاب والسّنّة ، وقول المولى لعبده : « أعتق رقبة » - مثلاً - إذا شكّ في اعتبار الإيمان فيها مثلاً ؟ ! مع أنّ قوله : « أعتق رقبة » ، لم يكن في مقام بيان ماهيّة الرقبة وحقيقتها ، بل في مقام بيان معرضيّة الرقبة للحكم ووجوب العتق ، فكما يصحّ التمسّك بإطلاق قوله : « أعتق رقبة » لنفي اعتبار الإيمان ، فليكن ما نحن فيه أيضاً كذلك . وبما ذكرنا يظهر الضعف فيما أجاب به المحقّق العراقي ( قدس سره ) : بأنّه يكفي في صحّة الثمرة فرض وجود مطلق في مقام البيان ، فإنّه يكفي في صحّة ثمرة المسألة الأُصوليّة إمكان ترتّبها في مقام الاستنباط ( 5 ) .
1 - الفقيه 1 : 56 / 1 ، وسائل الشيعة 1 : 290 ، كتاب الطهارة ، أبواب الوضوء ، الباب 23 ، الحديث 1 . 2 - المائدة : 6 . 3 - الحج : 29 . 4 - آل عمران : 97 . 5 - بدائع الأفكار 1 : 129 .