أيضاً ، فتدبّر . والعجب منه ( قدس سره ) أنّه قال في بعض كلامه في هذا المقام : إنّ كون الإنسان حيوان ناطق مبنيّ على التجريد ( 1 ) ; لأنّه لو كان شأن العقل التجريد والتحليل فقبل التجريد لابدّ وأن يكون المتصوّر مركّباً . ثمّ إنّه يرد على ما ذكره ( قدس سره ) أخيراً في معنى العلامة - من أنّه بناء على كون الحرف علامة هي حكايتها عن معنىً في الغير متقرّر في وعائه ، كحكاية الرفع عن الفاعليّة الثابتة لزيد في حدّ نفسه مع قطع النظر عن الاستعمال ( 2 ) - : بأنّ معنى كون شيء علامة هو أنّ وجودها وعدمها لا يضرّ بالمعنى المقصود ، لا أنّها تحكي عن معنىً في الغير مستقرّ وفي وعائه مع قطع النظر عن الاستعمال ، وذلك من الوضوح بمكان ، فمعنى كون الضمّة - مثلاً - علامة هي أنّها تحكي عن كون لفظة « زيد » الواقعة في « ضرب زيدٌ » مثلاً فاعل ، لا أنّها تحكي عن الفاعليّة الثابتة لزيد في حدّ نفسه مع قطع النظر عن الاستعمال ، فتدبّر . وكيف كان ، فأنت خبير بأنّ ما ذكره في هذا الأمر غير مربوط بكون معاني الحروف إيجاديّة ، نعم ما ذكره في الأمر الثاني متكفّل له ، لكن مع اشتماله على غير ما هو دخيل في المقصود ، مثل بيان حال الأعراض وبيان تعلّقها بموضوعاتها ، وذكر أقسام النسب ، وأنّ أوّل نسبة توجد في الخارج هي نسبة الفعل إلى الفاعل ، ثمّ بعدها تحدث نسبة المشتقّ ، ثمّ تصل النوبة إلى نسبة الملابسات من المفاعيل الخمسة ، وذكر الظرف المستقَرّ واللَّغو ، والفرق بينهما . . . إلى غير ذلك . وحاصل ما أفاده ( قدس سره ) في كون معاني الحروف إيجادية : هو أنّه لا إشكال في أنّ استعمال « كاف » الخطاب و « يا » النداء وما شابه ذلك ،
1 - اُنظر فوائد الأُصول 1 : 35 . 2 - نفس المصدر 1 : 37 .