غير الموارد التي وصلت إليهم من أسلافهم ، وإنكاره بمثابة إنكار البديهي ، فكلّ ما ناسب استعمال اللّفظ فيه صحّ وحسن ولو منع الوضع عنه ، وكلّ ما لا يناسب ذلك لا يصحّ ، بل يستهجن وإن فرض ترخيص الواضع . مثلاً : استعمال اللّفظ الموضوع للمحلّ في الحالّ ربّما يكون مستهجناً ، كاستعمال لفظ « الحمار » في زيد إذا فرض ركوبه على الحمار دائماً أو غالباً ، مع وجود علاقة الحالّ والمحلّ . ذكر وتنقيح اشتهر عن العلاّمة السكّاكي : أنّه قال في غير الاستعارة بمقالة المشهور : من أنّه عبارة عن استعمال اللّفظ في غير ما وضع له . وأمّا في الاستعارة فقال : إنّها مجاز عقليّ ; بمعنى أنّ التصرّف في أمر عقليّ لا لُغويّ . وبالجملة : يرى أنّ الاستعارة حقيقة لغويّة ، وأنّ التصرّف إنّما هو في أمر عقليّ ، وهو جعل ما ليس بفرد فرداً ; لأنّه لا معنى لإطلاق المشبّه به على المشبّه ، إلاّ بعد ادّعاء دخوله في جنس المشبّه به ، وهو بعد جعل الرجل الشجاع - مثلاً - فرداً من الأسد ، فاستعمال المشبّه به في المشبّه استعمال للّفظ فيما وضع له ، فالاستعارة حقيقة لغوّية عنده ( 1 ) . واستدلّ : بأنّه لولا ذلك لما صحّ التعجّب في قول العميد : قامت تظلّلني ومن عجب * شمسٌ تظلّلُني من الشمسِ بداهة أنّه لولا ادّعاء معنى الشمس في المرأة المنظورة ، وجعلها شمساً حقيقة ، لما