كان وجه لتعجّبه ; إذ لا تعجّب في أن تظلّل المرأة الحسناء من الشمس . وكذا لما صحّ النهي عن التعجّب في قول أبي الحسن بن طباطبا : لا تعجبوا من بِلى غِلالته ( 1 ) * قد زُرَّ أزرارُهُ ( 2 ) على القمر لأنّه لولا أنّه جعل مورد نظره قمراً حقيقيّاً لما كان للنهي عن التعجّب معنىً ; لأنّ الكَتّان إنّما يُسرع إليه البِلى بسبب ملابسة القمر الحقيقي ، لا بملابسة إنسان كالقمر في الحسن والوجاهة ( 3 ) . أضف إلى ذلك - انتصاراً لمقالته - قوله تعالى في قصّة يوسف على نبيّنا وآله وعليه السلام : ( ما هذا بَشَراً إنْ هذا إلاّ مَلَكٌ كَرِيمٌ ) ( 4 ) ، فإنّه إنّما يحسن ويكون بليغاً لو نفى البشريّة عنه حقيقة ، وإثبات كونه ملكاً ، لا أنّه مثل الملك . وما ربّما يقال في ردّ مقال السكّاكي : من أنّ التعجّب والنهي في البيتين - مثلاً - مبنيّان على تناسي التشبيه - أي إظهار نسيان التشبيه - قضاء لحق المبالغة ودلالة على أنّ المشبّه بحيث لا يتميّز عن المشبّه به أصلاً ; حتّى أنّ كلّ ما يترتّب على المشبّه به - من التعجّب أو النهي عنه - يترتّب على المشبّه أيضاً ( 5 ) . مدفوع : بأنّ نسيان التشبيه إنّما هو لأجل الادّعاء ، وهو الذي قضى حقّ المبالغة ، وإلاّ فلولا الادّعاء لما كان لنسيان التشبيه معنىً ، ولا يقتضي حقّ المبالغة . ولا يخفى أنّ هذا الذي ذكرناه هو المعروف من السكّاكي في الاستعارة ،
1 - قلت : « البِلى » بكسر الباء مقصوراً من بَلي الثوب يبلى إذا فسد ، والغِلالة ككفاية : ثوب رقيق يلبس تحت الثياب . 2 - قلت : زرّ بالزاء المعجمة وتشديد الراء المهملة ماض من الزرّ ، وهو بالكسر ما يوضع في القميص لشدّه ، ويقال له بالفارسية « تكمه » ، وجمعه أزرار . المقرّر 3 - اُنظر مفتاح العلوم : 157 ، وشروح التلخيص 4 : 63 - 64 . 4 - يوسف : 31 . 5 - المطوّل : 290 سطر 8 .