يمكن أن يتقارنا وأن يتقدم أحدهما على الاخر ، أما الأول وهو ما إذا شك في الحدوث ، فلا ريب في صحة الرجوع إلى استصحاب عدم المشكوك ، أو استصحاب ضده كالطهارة المعلومة سابقا عند إرادة إتيان العمل المشروط بها ، فإن إبقاء عدم الحدوث المشكوك حينئذ لا يجوز الدخول في المشروط بالطهارة ولا يثبتها إلا على المثبت ، بخلاف استصحاب الطهارة ، وأما الثاني فله صور منها أن يشك في الحدث الأصغر أو الأكبر من حيث ظرفه ، بأن يعلم إجمالا بطرو الحدث ، أما أول الظهر مثلا أو بعده بساعتين ، أو قبل الغروب بربع ، أو تعلم المرأة بطرو الحيض ، أما في الثلاثة الأولى من الشهر أو من وسطه أو آخره ، ولا يخفى إنه إما أن يقع من هذا المتردد وضوء أو غسل عقيب طرو الاحتمال أو لا ، فعلى الثاني يتولد من هذا العلم الاجمالي قطع تفصيلي بثبوت الحدث في ظرف الطرف الأخير ، فإنه أما كان حاصلا من أول الوقت أو وسطه ، وأما حدث في الاخر ، وعلى كل فيعلم بالحدث المانع عن الصلاة فعلا ، فلا يبقى مجال لاستصحاب الطهارة حينئذ بالنظر إلى هذا الموطن ، وأما بالنظر إلى غيره من الطرفين المتقدمين عليه فالظاهر إنه لا بأس باستصحاب الطهارة فيهما وفيما بعدها إلى حين اليقين بالانتقاض ، فللمرأة المترددة في أيام حيضها بأنها الثلاثة مع الأول ، أو الوسط أو الاخر ، أن تستصحب الطهر وتصلي فيما بعد الثلاثين بلا غسل ، وكذا فيهما أيضا بناء على حرمة العبادة على الحائض شرعا ، فإنها إذا اعتمدت على الأصل الشرعي فلا يقع منها الشريع فلا تعلم بحرمة العبادة عليها في الأيام ولو إجمالا حتى يسقط الأصلان بالمعارضة ، وفي المفروض لا فرق بين كون العلم الاجمالي مقتضيا للموافقة القطعية أو علة لها ، ولا مانعية له عن جريان الاستصحاب في أطرافه ، فإنه لا يلزم منه المخالفة العملية لان حرمة التشريع راجعة إلى البناء وعقد القلب لا إلى العمل ، هذا مضافا إلى انحلاله بالعلم التفصيلي بالنسبة إلى حكم آخر الوقت والأخير من الأطراف ، وأما بناء على حرمة العبادة ذاتا فلا يجوز لها الرجوع إلى استصحاب الطهر في أيام أطراف العلم ، فإنها تعلم إجمالا بمخالفته للواقع فيسقط عن الحجية فيها بالمعارضة ، هذا على القول بكون الاجمالي مقتضيا لا علة لوجوب الموافقة القطعية ، وإلا فلا مجال لجريانه أصلا ، هذا كله فيما إذا كان العلم سابقا ولم يأت برافع إلى الاخر ، وأما