التوصل إليها ، فتتصور وجوه وأنحاء لجعل الحكم المشروط بعدد الموضوع ، فلا بد من بيانها وبيان إن أيا منها من القضية الخارجية أو الحقيقية ، وفي أي منها يجوز الاستصحاب أو لا يجوز ، فنقول تتصور في المقام صور ، فتارة ينشأ الوجوب ويجعله للافراد الموجودة بالفعل حين الانشاء والجعل ، وأما الافراد المقدرة الوجود في هذا الموطن أو بعده فهي خارجة عن دائرة موضوع الحكم ، كما إن الافراد المتحققة حينئذ داخلة فيها سواء علم الجاعل بثبوتها أو جهلها ، فالفرض والاعتقاد لا دخل لهما في فعلية المجعولة حقيقة ، ولا يتصور وجه لاعتبار ثبوته لغير الافراد الموجودة خارجا حين الجعل والانشاء ، وقد يجعل الوجوب والانشاء للافراد المتحققة في مواطن وجودها بطول الزمان بتوسيط لحاظها الطريقي بنحو لا موضوعية لهذا اللحاظ لفعلية المجعول وتحققه الخارجي بمجرد الفرض وفيما قبل وجود الافراد خارجا ، فحينئذ يكون الانشاء والجعل الفعلين موجبا لحصول مجعول في مستقبل الزمان ، وموطن وجود فرد الموضوع ، وأما قبله فلا يعتبر وجود للحكم أصلا ، فهذا الحكم نظير للملكية المجعولة بالوصية فإنها لا اعتبار لتحققها وفعليتها إلا بعد موت الموصى ، فموضوع الحكم حينئذ وإن كانت أفرادا مقدرة الوجود لكنه منحصر في التي توجد في ظرف من الأزمنة خارجا ، ولا عموم له لمطلق الافراد الفرضية ، سواء أمكن وجودها ووجدت أم لا ، فهذا القسم وإن كان أوسع دائرة من الأول لعدم انحصار الموضوع فيما هو متحقق بالفعل حين الجعل ، إلا إنه يشاركه من حيث كون الموضوع أفراد متلبسة بالوجود الخارجي ولو فيما بعد الانشاء بسنين عديدة ، وثالثة يجعل الحكم لمطلق الافراد الفرضية والمقدرة أمكن وجودها أم لا ، وكانت مما يوجد خارجا أم لا ، ولا يخفى إنه لما ، كان جعل الحكم للافراد لا يتحقق في الخارج ، إما لامتناعها أو بالاتفاق مما لا يتصور له وجه عقلائي ، فلا بد من حمل ما ظاهره ذلك لو كان على جعل ملازمة بين الحكم وأفراد الموضوع ، فإذا صارت متحققة بالفعل فيصير حكمها فعليا كما في لوازم الوجود الخارجي ، وأما إذا لم تتعد في موطن الفرض والتقدير فحكمها فرضي أيضا ، كالحرارة بالنسبة إلى النار التصوري ، ثم لا يخفى إن التصور الأخير يلائم القضايا الحقيقية المتعارفة في العلوم ،