إذا قال كل خمر حرام ، أو كل عالم يجب إكرامه ، أو كل دواء يجب شربه ، فتتصور فيه صور ثلاثة ، فتارة يكون مضمون الخطاب وجوبا أو حرمة فعليا على الاطلاق ، ومحركا فعلا على نحو المتعلق ومقتضيا للإطاعة والامتثال ، وهذا ما إذا كان يوصفه السيد الاجل السيد محمد الأصفهاني قده ، بالفعلية والفاعلية ، يعني يكون الخطاب محركا نحو العمل فعلا فزائدا على كونه فعليا يكون داعيا إلى العمل الفعلي أيضا ، فلا يكون قصور في الفعلية ولا في الفاعلية أي المحركية ، وتارة يكون الحكم فعليا ولا يكون محركا ، فيفك الفاعلية والمحركية عن الفعلية ، وهذا مثل الاحكام الفعلية بالنسبة إلى الجاهل فإنها في حال الجهل فعلية ولا فاعلية لها أي لا محركية لها لان المحركية منوطة بالبيان والعلم ، فما لم تتمم الحجة لا يصير الحكم محركا إلى متعلقة ، وأخرى لا يكون فعليا ولا فاعليا على ما سيأتي ، أما الصورة الأولى فلا إشكال حينئذ في وجوب تحصيل الموضوع والعمل به ، فلهذا الحكم فعلية ، وأما الصورة الثانية وهي ما لم يكن للخطاب بالنسبة إلى الموضوع إطلاق ولو كان له إطلاق بالنسبة إلى غيره ، فتكون فعلية الحكم منوطة بوجود الموضوع ، فإن وجد من باب الاتفاق يصير الحكم فعليا ، وإلا فلا ، فحينئذ تارة يكون منوطا بوجوده اللحاظي والفرضي الذي كان طريقا إلى الوجود الخارجي ، فيلاحظ المولى وجود الموضوع ويثبت الحكم عليه ، فيكون هذا الحكم فعليا لفعلية الموضوع والمنوط به ولا فاعلية له لان اللحاظ طريق إلى الخارج ، فلا يكون محركا إلى الفعل إلا عند انطباق الصورة الذهنية على ذيها وفعلية المحكي بها خارجا ، نعم لو كان للحاظ موضوعية لكان الحكم بالفعل محركا أيضا ، ولكن ليس له موضوعية بل الملحوظ طريق إلى الخارج فما لم يتحقق ذو الطريق لا يحكم العقل بوجوب التحرك ، فتنفك الفعلية حينئذ عن الفاعلية ، فالخارج ظرف الاتصاف بالحكم كما إن الذهن ظرف للعروض ، ونظير ذلك يتصور في حكم أجزاء الواجب فيما إذا أتى بجزء واحد وكان مشغولا بإتيان البقية ، فإن الوجوب المأتي به وكذا وجوب الجزء الأخير فعليان لا فاعلية لهما ، وذلك لان التكاليف الضمنية بالنسبة إلى المركبات متلازمات سقوطا وثبوتا ، فما لم يؤت بميم السلام مثلا لا يسقط التكليف من التكبير وغيره ، فإذا شرع في التكبير لا يسقط التكليف عنه