الأمور الاعتبارية الجعلية حدوثا ، والبقاء مستندا إلى استعداد ذاتي لها كالأمور الخارجية ، فإذا حدثت الملكية بالجعل بقوله ( من حاز ملك ) ثم أعرض بعد الحيازة فشك في إنه هل سقطت الملكية بالاعراض أم لا ، فتستصحب الملكية ، ففي كل مورد لم يثبت المزيل للملكية تستصحب الملكية ، ولا مجال للرجوع إلى استصحاب عدم الجعل ، فإنه علم بانتقاضه ، فينزلون الأمور الاعتبارية الجعلية منزلة الأمور الحقيقية الخارجية ، فيجعلون الجعل علة للحدوث ، والبقاء مستندا إلى الاستعداد الذاتي ، فحينئذ تستصحب الملكية ولا يبقى مجال لاستصحاب عدم جعل الملكية ، فلا يكون تعارض بين استصحابي الملكية وعدم جعلها ، لكنا نقول لو كان قوام الأمور الجعلية بالجعل فقط ، بأن لا تكون تابعة لاعتبار المعتبر ونظره ، أمكن أن يكون بقائها مستندا إلى استعداد ذاتي لذلك ، ولكان لما ذكر وجها لمنع استصحاب عدم الجعل وجه ، إلا إن المفروض إن المقام ليس كذلك ، بل الأمور الجعلية كلها تابعة في مقام الجعل لاعتبار المنشئ ونظر الجاعل ، فإن أنشأها واعتبر حصولها بالنسبة إلى الموجودين في ظرف خاص ، فيعتبر تحققها في ذاك الموطن فقط كالوقف على الطبقة الأولى ، فبانقراض الطبقة الأولى تنقطع الملكية ، فلا تنتقل من أهلها إلى ورثتهم ، وإن أنشأها واعتبر حصولها في يوم أو شهر مثلا كما في تمليك المنافع صح اعتبارها بمقدار نظر الجاعل ، وإن أنشأها على الاطلاق جاز اعتبارها مطلقة ، وبالجملة لا ريب في إن اعتبار الملكية موقتا أو مطلقة دائر مدار نظر الجاعل والمملك بأسبابها ، وإن لم تكن الأمور الجعلية تابعة في الجعل لنظر الجاعل فلا بد أن تكون الوقفية في المثال الأول باقية ببركة الاستعداد الذاتي ، فتبين إنه مجال لبقاء الملكية من ناحية الاستعداد الذاتي لعدم شمول دائرة الجعل للزايد على اعتبار المعتبر ، فبهذا البرهان نثبت إن بقاء الملكية وعدمه تابعة للجعل ، فإن اعتبر في مقام الجعل والانشاء الملكية الأبدية تصير الملكية أبدية ، وإلا فتكون تابعة للأمد الذي اعتبره ، فلو فرض إن الجاعل ما حدد الملكية بالأبدية ، وكان البقاء حينئذ مستندا إلى الاستعداد الذاتي ، ولم تكن من قبيل الأمور الاعتبارية ، فيلزم حينئذ أن تكون من الأمور القارة من الأول ومن بدو حصولها ، أو تصير منها ، ويخرج من مرحلة البقاء عن الاعتبارية إلى القارة ،