رد الثالث فلا يصح الاستدلال بهما هذا . مضافا إلى أن هذا الاستدلال منشأه التضاد بين الشيئين ، وهو من الإضافات المتشابهة الأطراف كالإخوة لا المختلفة كالأبوة والبنوة وهما يتساويان في الاحكام الطارية عليها . فإذا كان وجود أحدهما سببا لعدم الاخر كان وجود الاخر أيضا سببا لعدم الاخر ، وكذا إذا كان عدم أحدهما مقدمة لوجود الاخر كان عدم الاخر أيضا مقدمة لوجوده ، والمقدمية والسببية تقتضيان التقدم بالطبع وبالذات على ذيها وعلى المسبب ، فيلزم كون كل منهما متقدما على الاخر ولازم هذا تقدم كل واحد من الضدين على نفسه ، واعتبار الوجود لكل منهما في مرتبة عدمه ، وهو دور محال . بيان الدور : أن عدم أحد الضدين - كالصلاة مثلا - موقوف على وجود الضد الاخر ، مثل فعل الإزالة مثلا ، ووجود كل ما هو متقدم على الضد الاخر ، والمفروض أن من جملة ما هو متقدم هو عدم أحد الضدين ، فعدم أحد الضدين متقدم على نفسه ، وهو محال ، وكذلك في طرف وجود أحد الضدين ، هذا . وما ذكرنا من التوقف في الطرفين يظهر من كلمات بعض المتقدمين من الأصوليين كما يظهر [1] من الحاجبي والعضدي [2] في مقام الجواب عن حرمة الضد الخاص من إنكار وجوب المقدمة لانكار المقدمية . مع أنهم أجابوا عن شبهة الكعبي [3][4] وهي عدم وجود المباح ، لان كل فعل من
[1] متعلق بقوله قدس سره : يظهر . [2] أبو القاسم عبد الله بن أحمد بن محمود البلخي الفاضل المشهور ، كان رأس طائفة من المعتزلة ، فقال لهم الكعبية ، وهو صاحب مقالات وله اختيارات في علم الكلام ، توفي في سنة 317 ه . [3] والكعبي - بفتح أوله وسكون ثانيه - نسبة إلى بني كعب ، والبلخي نسبة إلى بلخ إحدى مدن خراسان ( انتهى ) ( الكنى والألقاب للمحدث القمي : ج 3 ص 95 طبع مطبعة العرفان - صيدا ) . [4] بيان للشبهة .