وذلك [1] فإنا قد حققنا أنه لا مانع من تأخر المسبب عن السبب فضلا عن تأخر المشروط عن شرطه . بل يمكن أن يقال بجواز الحكم بوجود شئ آخر متأخرا عنه زمانا أيضا كما في تقدم خلق آدم عليه السلام على نبينا صلى الله عليه وآله ، فإن غاية وجوده وجود نبينا صلى الله عليه وآله كما يستفاد من بعض الاخبار [2] وهو صلى الله عليه وآله متأخر عنه عليه السلام زمانا فتأمل . لا يقال : إن العلة وجوده العلمي وهو متقدم ، فإنه يقال : إن العلم مرآتي وطريقي لا موضوعي ، فيكون وجوده صلى الله عليه وآله الخارجي علة غائية لوجود آدم عليه السلام . هذا كله بالنسبة إلى وجود المكلف به . وأما ما هو شرط لنفس التكليف فلا يلزم تقدمه زمانا أيضا ، فإن القيود التي تؤخذ في موضوع التكليف هي الشرائط العقلية للتكليف ، بمعنى أنها لو لم تكن لم يمكن التكليف سواء كانت أوصافا في المكلف كالعقل والبلوغ والقدرة والعلم ، أو في المكلف به ككونه مما يمكن أن يوجد بالنسبة إلى المكلف به ، فتكون هذه شرائط لامكان التكليف لا عللا لوجود ما هو ممكن بعد الفراغ من إمكانه ذاتا . وتوهم كونها عللا لوجود الامكان مدفوع بأن الامكان وقسيميه من الوجوب والامتناع لا تكون موجودة مستقلة في الخارج ، بل هي منتزعة من مرتبة ذات الأشياء ضرورة انتزاع الوجود من شئ ضروري الوجود والامتناع من ضروري العدم ، والامكان من اللا ضرورة من الجانبين ووجود الممكن لا دخل له بكون التكليف مشروطا . وبالجملة ، إمكان انقداح الإرادة من المولى للبعث والزجر منوط بتحقيق الشرائط العامة لا وجود الممكن . فانقدح أيضا دفع توهم الاشكال في شرائط التكيف بأن الشرائط لابد أن
[1] بيان الدفع [2] بل هو مفاد حديث " لولاك لما خلقت الأفلاك " .