ثلاثة : أحدها : إتيانه بداعي الامر . ثانيها : إتيانه به مع كونه غير مقترن بالدواعي النفسانية . ثالثها : إتيانه غير مقترن بالدواعي النفسانية . ولما كان في الأولين محذور لزوم الدور أو التسلسل يمكن أن يؤخذ على النحو الثالث ، ويلزمه الأولان أيضا ، لان إتيان الفعل حال عدم الدواعي النفسانية مساوق لاتيانه مع داعي الامر ، فداعي الامر ما اخذ في متعلق الامر ، بل اخذ عدم ما هو ملازم وجودا لوجوده ، فلا إشكال كما إذا قيل : أكرم الضاحك فيلازمه الامر بإكرام الانسان . وفيه : أن الاجماع أو الضرورة قام على اعتبار قصد التقرب في العبادات لا على عدم كونها غير مقترن بالدواعي النفسانية وما لا دليل على اعتباره لا يمكن أن يؤخذ في متعلق الامر ، سيما في العبادات التي هي توقيفية ويكتفى في أجزائها على إذن الشارع . ( الخامس ) أن الامر بالكل يكفي كونه داعيا إلى أجزائه التي من جملتها
بالمطلوبية ، فكيف يمكن تعلق الطلب بالفعل من دون ملاحظة تمام القيود التي يكون بها قوام المصلحة لأنا نقول : عرفت أنه قد يتعلق الطلب بما هو لا يكون مطلوبا في حد ذاته بل يكون تعلق الطلب لأجل ملاحظة حصول الغير ، والفعل المقيد بعدم الواعي النفسانية وإن لم يكن تمام المطلوب النفسي مفهوما ، لكن لما لم يوجد في الخارج الا بداعي الامر لعدم إمكان خلو الفاعل المختار عن كل داع تصح تعلق الطلب به لأنه يتحد في الخارج مع ما هو مطلوب حقيقة ، كم أو كان المطلوب الأصلي إكرام الانسان فإنه لا شبهة في جواز الامر بإكرام الناطق لأنه لا يوجد في الخارج إلا متحدا مع الانسان الذي إكرامه مطلوب أصلي ، وكيف كان فهذا الامر ليس أمرا صوريا بل هو أمر حقيقي وطلب واقعي لكون متعلقه متحدا في الخارج مع المطلوب الأصلي ، انتهى موضوع الحاجة من كلامه زيد في علو مقامه ( درر الفوائد : ص 97 - 98 طبع مؤسسة النشر الاسلامي - قم ) .