وليس المراد اتفاق الكل بحيث لا يشذ منها أحد كي لا يتصور في طرفي المسألة ، بل المراد وضوح الحكم بحيث لا يكون نادرا ويعرفه عدة من الأصحاب المفتين . فقول الراوي : ( إنهما معا مشهوران ) في المرفوعة [1] وقوله : ( يا سيدي كلاهما مشهوران ) في المقبولة [2] لا ينافي ما قلناه . إن قلت : ظاهر تعليله عليه السلام بأن المجمع عليه لا ريب فيه مع قوله عليه السلام : ( ويترك الشاذ الذي ليس بمشهور ) بمنزلة قوله : ( إنهما معا لا ريب فيهما ) مع أنه غير ممكن في الفتوى بخلاف الروايتين ، فإنه يمكن أن لا يكون ريب في صدورهما . قلت : الشهرة مقتضية لكونها لا ريب فيها لا علة تامة ، ومن الممكن كون الشهرة الأخرى في قبالها مانعة لاتصافها بذلك . وبعبارة أخرى : كل واحد منهما مانع عن اتصاف الأخرى بعدم الريب . والحاصل : أنه لا يقال للرواية - بمجردها من دون كون مضمونها مفتى به - : إنها مما لا ريب فيها ، بل عدم الفتوى موجب لكونها ذات ريب . ومن هنا اشتهر أن الرواية كلما ازدادت صحة ازدادت ضعفا وريبا إذا أعرض عنها الأصحاب ، وكلما ازدادت ضعفا زادت قوة إذا عمل بها الأصحاب كما في المسألة المشار إليها . فالروايات الكثيرة المعرض عنها التي تبلغ عشرين رواية - في مسألة عدم تنصيف المهر إذا مات أحد الزوجين - والتي تدل على عدمه ليس إلا رواية واحدة ومع ذلك تكون الثانية مفتى بها عند الأصحاب . إن قلت : قوله في مرفوعة زرارة : ( يأتي عنكم الخبران المتعارضان ) يدل
[1] عوالي اللآلي : ج 4 ص 133 طبع مطبعة سيد الشهداء - قم . [2] الوسائل : ج 18 ص 75 باب 9 من أبواب صفات القاضي قطعة من ح 1 .