أنها لم تبلغ المرتبة الفعلية الموجبة للبعث والزجر الفعليين ، فحينئذ لا يرد الاشكال عليه . توضيح المطلب على وجه يرتفع الاشكال المتوهم حينئذ : أنهما [1] قدس سرهما أجابا عن الاشكال بوجوه ثلاثة : ( أحدها ) القول بعدم كون الحكم الواقعي حكما حقيقيا ، وإنما الحكم الحقيقي هو الظاهري فقط . ( ثانيها ) القول بعدم جعل الحكم أصلا ، وإنما المجعول هو الحجية . ( ثالثها ) على تقدير تسليم الجعل نقول بعدم جعل الحكم التكليفي ، بل عند المصادفة لا حكم أصلا ، وعند المخالفة هو طريق صرف والإرادة إنما تعلقت بالواقعي وما كان متعلقا للحكم الظاهري يكون من قبيل المقصود بالضرورة ، مثل حركة الانسان نحو شئ مقصود له فتصادف في الطريق ما يكرهه ، فإنه لم يقصد المكروه لكنه مقصود بالضرورة . والتحقيق أن هنا إرادتين ( إحداهما ) إرادة وجود الفعل من المكلف بقول مطلق . ( ثانيتهما ) إرادة انبعاثه نحوه بالخطاب الأول . والأولى عامة لكل مكلف ، العالم والجاهل ، لان المولى يريد وجود الفعل من جميع المكلفين . والثانية مختصة بالعالم ، فإن الخطاب لا يمكن كونه باعثا وزاجرا نحو الفعل المطلوب إلا إذا وصل إلى المكلف ، فما لم يصل إليه لم يكن المولى مريدا منه لهذا الخطاب ، فيصير هذا الخطاب شأنيا ، بمعنى أنه يمكن إيصاله إلى المكلف لا بهذا الخطاب ، بل بجعل أمارة قائمة على الحكم من إخبار ثقة ، وظاهر القرآن وغيره . وفي عين هذه الحالة يمكن أن يقال : إنه فعلي بعد قيام الامارة باعتبار أن قيامها أيضا إنما هو على الحكم الواقعي لا حكم آخر ، غاية الامر ايصال المولى