< فهرس الموضوعات > بيان التفصيل الذي نسب إلى صاحب الفصول في مسألة التجري < / فهرس الموضوعات > < فهرس الموضوعات > هل الحسن والقبح ذاتيان أم بالوجوه والاعتبار ؟ < / فهرس الموضوعات > والرواية الأخيرة صريحة في أن الطاعة والمعصية كان لكل من الطائفتين أمران اختياريان ، لان أصحاب الشمال لا يمكن أن يصيروا مطيعين وإلا لما أمرهم بدخول النار ، ولما قالوا : ( ربنا أقلنا ) . والروايات بهذا المضمون أو قريب منها مستفيضة ، بل متواترة بوجه تفيد القطع على خلاف ما توهم . وأما حكم العقل فإنه يقبح عقلا - من العاقل فضلا عن الحكيم العادل - أن يأمر من جعل طينته من شئ لا يقتضي إلا العصيان بالإطاعة ويبعث إليه الرسل والكتب ويؤاخذه على مخالفته ، مع أن المفروض أن المخالفة مقتضى طينته وجبلته ، وهو واضح لمن له أدنى تدبر ، فتأمل جيدا . فانقدح أنه لا وجه لتوهم كون المعصية ناشئة من سوء سريرة العبد التي لا تعلل باعتبار أنها ذاتية ، والذاتيات لا تعلل هذا . وقد نسب إلى صاحب الفصول رحمه الله التفصيل بين التجري على الحرام الواقعي وبين غير الواقعي ، ففي الثاني تترتب عليه أحكام التزاحم ، فيحكم بمقتضى ما هو غالب في الواقع ، فربما يصير التجري حسنا باعتبار أنه تجري على الواجب الأهم مصلحته من مفسدة التجري . وفيه : أن التزاحم هنا لا وجه له . توضيحه : يتوقف على بيان أمور : ( الأول ) أن الحسن والقبح مترتبان على المصالح والمفساد النفس الأمرية ، فتارة يكون الشئ باعتبار كونه ذا مصلحة فقط حسنا ، وأخرى باعتبار كونه ذا مفسدة فقط قبيحا ، وثالثة يكون مجمع العنوانين ، فإما أن تكون المصلحة غالبة أو المفسدة كذلك وكيفما كان ، فلا تزول المصلحة عند غلبة المفسدة ولا تزول المفسدة عنه غلبة المصلحة ، نعم لا أثر لأحدهما عند غلبة الاخر . ( الثاني ) قد اشتهر في ألسنة الأصوليين أن الحسن والقبح هل هما ذاتيان أم بالوجوه والاعتبار ؟