لان القطع بالحكم يشمل الاشتغال والاستصحاب والتخيير في الجهة . نعم ، البراءة وبعض أقسام التخيير يكون في مقابل القطع . توضيحه : أن المكلف إذا توجه إلى التكليف فإما أن يكون عالما به أو لا ، فإن كان عالما فإما أن يحصل له العلم التفصيلي أو الاجمالي . لا إشكال في تنجز التكليف إذا علم تفصيلا ، وفي صورة الاجمال فإما أن يمكن له المخالفة والموافقة القطعيتين أو لا يمكن شئ منهما أو يمكن المخالفة القطعية دون الموافقة القطعية ، فالأول هو الاشتغال فهو أثر العلم الاجمالي . والثاني هو الدائر بين المحذورين ، وهو مجرى التخيير العقلي . والثالث هو الاشتغال أيضا عقلا بالنسبة إلى حرمة المخالفة القطعية والحاصل : أن ما يمكن فيه كلاهما أو أحدهما إن كان هو المخالفة القطعية فالتكليف منجز بحكم العقل ، وما لا يمكن فيه واحد منهما يحكم العقل بعدم تنجز الواقع . وإن لم يكن عالما فإن كان له حالة سابقة فالحكم منجز بحكم الشرع ، وهو المعبر عنه بالاستصحاب وإلا فالبراءة . فالاشتغال والاستصحاب والتخيير بالنسبة إلى المخالفة القطعية موجبة لتنجز المعلوم إجمالا ، كالقطع التفصيلي الموجب لتنجز الاحكام . فالأولى أن يقال في مقام التقسيم : إن المكلف إذا توجه إلى وجود التكليف وعدمه فإما أن يكون له منجز من القطع - أعم من التفصيلي والاجمالي والأمارات مثل خبر الواحد والاجماع المنقول والشهرة وبعض الأصول كالاستصحاب - أو لا فعلى الأول يعمل بمقتضى التنجز وعلى الثاني يرجع إلى البراءة أو التخيير [1] .
[1] هكذا أفاده سيدنا مد ظله ، لكن يمكن أن يقال : كون العلم الاجمالي بأحد الحكمين مع عدم التمكن من الموافقة القطعية ليس منجزا ، لان شرط تنجز التكليف عقلا التمكن من الموافقة القطعية بالنسبة إليه المفروض عدمه ، ومجرد ترك الواقع في ضمن ترك أحدهما