فتقسيم صاحب الكفاية رحمه الله وإن كان حسنا - من حيث كونه ثنائيا ولا يرد عليه إشكال عدم دخل الشك والظن في الرجوع إلى الامارات والأصول - إلا أنه مورد له من هذه الجهة التي ذكرناه . والجواب عنه بأن كونه قدس سره في مقام بيان الحالات الطارئة على الانسان ، مطلقا خلاف الظاهر ، بل الظاهر أنه قدس سره في مقام بيان الحالات التي باختلافها تختلف الاحكام ، فتأمل جيدا . وعن بعض الأعاظم قدس سره [1] - في مقام رفع الاشكال عن الشيخ رحمه الله - أن المكلف إما أن تحصل له حالة لا يمكن معها عدم تنجز الحكم قطعا أو لا يمكن تنجزه قطعا أو يكون محتملا الامرين . وبعبارة أخرى : الحالة الحاصلة إما كاشفة تامة أو غير كاشفة تامة أو كاشفة ناقصة . فالأولى هي القطع ، والثانية هي الشك ، والثالثة هي الظن ، فلا إشكال على الشيخ رحمه الله في مقام التقسيم . وفيه : ( أولا ) أن الحالة الظنية لا دخل لها في الاحكام الثابتة للظان ، بل المناط عدم العلم ، سواء كان ظانا أو شاكا . ( وثانيا ) عدم إمكان كون الشك منجزا مطلقا ممنوع ، فإن الشك في الشبهة الحكمية وفي التخصيص قبل الفحص ، بل في مطلق المعارض قبله منجز للواقع ، بمعنى أنه لو ترك وصادف الواقع كان التارك مستحقا للعقوبة عقلا ، وكذا الاستصحاب منجز للواقع شرعا على الأصح ، كما سيأتي إن شاء الله في محله من كون حجيته من باب التعبد . والحاصل مما ذكرنا آنفا : أن جعل الظن مقابلا للشك غير جيد ، بل المتعين جعل التقسيم ثنائيا كما أن جعل القواعد الأربعة قسيما للقطع لا يخلو من إشكال .
[1] منسوب إلى المحقق المعروف بالميرزا النائيني المتوفى سنة 1354 ه ق .