حين انشائه . ( الثالث ) إلى المكلف به ، ولا بد من كونه معدوما خارجا كي لا يكون طلبه طلبا للحاصل . وأما إمكان المخاطبة إلى المعدوم فمحصوله أن تحقق المخاطبة لا يحتاج إلى تقارن وجوديهما زمانا ، بل هو دائر مدار صدق المخاطبة إما بالتوجيه أو بالكتابة أو بحبس الصوت مثلا ، أو غير ذلك من آلات إسماع الأصوات ، فتأمل هذا . ولكن يستفاد من عبارة الكفاية أن الصور الممكنة التصور ثلاثة : ( إحداها ) الخطاب الحقيقي إلى المعدومين . ( الثانية ) الخطاب الانشائي وفائدته انبعاث المخاطب عند وجوده وفعلية التكليف عنده . ( الثالثة ) الخطاب الحقيقي مقيدا بالوجود . والأولى غير ممكنة بلا ارتياب ، والثانية لا مانع منها عقلا على الظاهر ، والثالثة أيضا ممكنة بلا شك ولا ريب . وفيه : أن الصورة الأولى ليست من محل الكلام في شئ كي تحتاج إلى ذكرها إلا أنه من المحالات العقلية بعث المخاطب المعدوم ، وهو جلي لاخفاء فيه . وأما الصورة الثانية ، ففيها أيضا أن المخاطبة على ما ذكرنا - من أنها عبارة عن توجيه الكلام نحو الغير - ليست من مقولة الانشائيات بل هي من الأمور الاعتبارية التي منشأها أمر تكويني - أعني التكلم - متوجها إلى الغير فلا يمكن إنشاؤها كما لا يمكن إنشاء الأبوة والبنوة والاخوة التي وجودها تابع لوجود منشأها تكوينا من الأب والابن والأخ . والصورة الثالثة - وإن كانت حقا في الجملة - إلا أن الوجود ليس قيدا للمخاطبين في إمكان توجه الخطاب إليهم ، بل المخاطبة لا تصح إلا إلى الموجود بأحد من العناوين المأخوذة في متعلق التكليف مثل : أيها المؤمنون أو الناس أو المستطيعون مثلا ، سواء كانت بأدوات المخاطبة كما مثلنا أم لا ، مثل قوله تعالى :