حاضرا في مجلس المخاطبة أقوى أم ظهور متعلقه في كونه موضوعا للأعم ؟ ولكن الحق أن يقال : إن كلمات القوم ظاهرة بل صريحة في أن النزاع في الخطابات الشفاهية ، وأن إمكان التكليف كان مفروغا عنه . ويؤيده استدلال القائلين بالعدم بأن اشتراك التكليف إنما ثبت بدليل آخر من الاجماع أو الضرورة ، فإنه يظهر من هذا الاستدلال أن إمكان التكليف في مقام الثبوت كان مسلما ، والبحث إنما هو في مقام الاثبات ، فقوم أثبتوه بالأدلة الأولية ، وآخرون بالاجماع والضرورة ، بل لا يكون ولم يكن من المورد الثالث في كلماتهم عين ولا أثر . ولكن نحن نتكلم تبعا لصاحب الكفاية رحمه الله ومن تبعه فنقول : أما إمكان التكليف فإن كان المراد توجهه إلى المعدوم في حال العدم فغير ممكن ، وإن كان المراد توجهه إلى المعدوم المتدرج في الوجود بحسب اقتضاء الزمان بإذن الله تعالى فهو بمكان من الامكان ، بل جميع الخطابات العرفية القانونية من هذا القبيل ، بل جملة من المعاملات كذلك كالوقف والحبس ، حيث إن الموقوف عليهم كلما وجدوا استحقوا من عين الموقوفة ما أنشأه الواقف . والحاصل : أنه إن كان المراد من عدم جواز تعلق التكليف عدم جوازه بمعنى كونه متعلقا للحب والبغض فهذا ليس بتكليف ، وإن كان المراد عدم جوازه متعلقا بالمكلف حال عدمه فلا يتوهمه أحد كي يكون محلا للنزاع ، وإن كان المراد عدم جوازه متعلقا به في حال وجوده - وإن كان زمان الانشاء حال عدمه - فلا إشكال في إمكانه . وأوضح منه في الاستدلال على الجواز أن التكليف مستلزم للاضافات الثلاثة : ( أحدهما ) إلى المكلف بالكسر ، ولا بد من وجوده حين إنشائه ، وهو واضح . ( ثانيها ) إلى المكلف بالفتح ، ولا بد من وجوده حين بعثه ولا يلزم وجوده