ولم ينكر السيد رحمه الله ومن تبعه دلالة القيد على المفهوم ، بل رده بما ذكره فيستكشف الاجماع على ثبوت المفهوم ، وكلامهم إنما هو في حجيته وعدمها . وبعبارة أخرى أوضح : إن أهل العرف يفهمون هذا المعنى من مفهوم هذا الكلام مثلا ، وإنما الكلام في أن هذا الفهم العرفي حجة بحيث يصير عذرا للمتكلم في مؤاخذته عند عدم العمل بمقتضى هذا المفهوم أم لا ؟ ومعذرا للمخاطب مع العمل به أم لا ؟ والحاصل : أن المفهوم عبارة عن كون الكلام بحيث لو لم يدل على هذا المعنى لزم لغوية القيد الزائد . فقول بعض الأعاظم [1] : ( هو حكم إنشائي أو إخباري تستتبعه خصوصية المعنى الذي أريد من اللفظ بتلك الخصوصية ولو بقرينة الحكم ، وكان يلزمه لذلك وافقه الايجاب والسلب أو خالفه ) لم نفهم معناه . فإنه إن كان المراد أن الخصوصية داخلة في المعنى فهو بنفسه مستتبع للمفهوم دون الخصوصية ، وإن كانت خارجة عنه فلا نسلم أن في المعنى دائما خصوصية بها يستتبع المفهوم . ولعله لذا أعرض عن هذا التعريف بعض الأعاظم [2] وعرفه بأنه مدلول التزامي باللزوم البين بالمعنى الأخص الذي تصور الملزوم فيه كاف لتصور اللازم . وأما دلالة الإشارة والاقتضاء والتنبيه فسماها بالمدلول السياقي ، فحينئذ يرد عليه أنه يلزم أن تكون المداليل أربعة : المنطوق ، وهو المعنى المطابقي والتضمني . والمفهوم ، وهو اللزوم البين بالمعنى الأخص . والمدلول السياقي ، وهو التنبيه والإشارة والاقتضاء ، ويكون البين بالمعنى الأعم . والغير البين بالمعنى الأعم قسما رابعا ، وهو خلاف اصطلاح القوم كما لا يخفى . وكيف كان ، فالأنسب ما اختاره المتقدمون ، وهو أن المفهوم مستفاد من مجرد
[1] هو المحقق الآخوند ملا محمد كاظم الخراساني صاحب الكفاية أعلى الله مقامه . [2] لعل المراد المحقق المعروف بالأصولي الحاج آقا ضياء العراقي رحمه الله .